الأربعاء، 15 يوليو 2009

إبراهيم الحمدي.. الشاب الخجول، أسطورة الحكم ومشروع الدولة..!!


كان يوم السبت قبل الماضي موافقا للذكرى الخامسة والثلاثين لتولي المقدم إبراهيم محمد الحمدي مقاليد الحكم في اليمن إثر حركة 13يونيو التي سميت بالانقلاب الأبيض، والتي مثلت عهدا جديدا من التنمية والرخاء والاستقرار وبناء الدولة المركزية الحديثة، وقد كان لهذه الحركة أهمية كبيرة تكمن في أن الانقلاب لم يكن عسكريا أو اغتيالا أو مدفوعا أو مساندة من القبائل، إنما جاء باختيار ورضا السلطة التي كانت تحكم البلاد آنذاك، لاسيما بعد تأزم الوضع في البلاد والانفلات الأمني في أواخر حكم القاضي الإرياني زعيم حركة نوفمبر رحمه الله.
بداية القصة
ولد الشهيد إبراهيم محمد الحمدي عام 1943م في مدينة قعطبة محافظة إب التي كان يعمل فيها أباه قاضيا وهو من منطقة ثلاء، ثم التحق بكلية الطيران ولم يكمل دراسته وعمل مع والده في محكمة ذمار ثم عُين في عهد السلال قائدا لقوات الصاعقة وبعد ذلك عُين مسئولا عن المقاطعات الغربية والشرقية الوسطى.
وفي عام 1972م أصبح نائبا لرئيس الوزراء للشئون الداخلية، الأمر الذي جعله قريبا من الحياة العامة للشعب وأكثر معرفة بهمومهم وحاجاتهم..
تأزمت الأوضاع الاقتصادية والسياسية أواخر عهد الرئيس القاضي عبد الرحمن الإرياني رحمه الله، الأمر الذي اضطره إلى تقديم استقالته وتولى بعده رئاسة اليمن المقدم إبراهيم الحمدي بعد 13 يونيو 1974م، وكان حينذاك يشغل منصب نائب القائد العام للقوات المسلحة باعتباره القائد العسكري الأكثر بروزا للقوات الخاصة.
بدأ الحمدي بالخطوات الأولى للحد من سلطة المشايخ ونفوذهم وقام بإقصاء العديد منهم من المناصب العليا في الجيش والدولة وقام بتوديع الرئيس الإرياني رسميا إلى المطار حيث كان مغادرا إلى دمشق، المدينة التي اختارها للإقامة مع أفراد عائلته بها.
إشراقات الوحدة
كانت سنوات المقدم إبراهيم الحمدي تمثل مناخا طبيعيا جيدا لإعادة تحقيق الوحدة لليمنيين من خلال الخطوات العملية التي قام بها آنذاك، حيث أجرى عدة مباحثات مع الرئيس الجنوبي سالم رُبيّع علي (سالمين) في ديسمبر 1974م، وكذلك في فبراير 1977م، وفي مارس 1977م عقد مؤتمرا في تعز وتم التباحث بين الرئيسين (الحمدي وسالمين) في قضية تفعيل الوحدة اليمنية إضافة إلى ذلك فقد أجريت عدة اتصالات بين الشطريين في يوينيو 77م تم فيها الاتفاق على بعض الخطوات التي تسبق الإعلان عن الوحدة عند زيارة الرئيس الحمدي إلى عدن، ومن هذه الخطوات توحيد السلك الدبلوماسي والنشيد الوطني والعلم الجمهوري كذلك، ولكن الاغتيال الدنيء قضى على الحمدي قبل زيارته عدن.
اغتيال وطن
في يوم الثلاثاء 11/10/1977م وقبل موعد سفر المقدم الحمدي إلى عدن لترتيب أوضاع الوحدة كأبرز منجز تشهده اليمن في العصر الحديث، أعلنت إذاعة صنعاء الخبر المشئوم بحادثة قتل المقدم إبراهيم الحمدي مع أعز أنصاره وهو شقيقه عبدالله الحمدي في حادثة اغتيال دنيء يحمل غموضا كبيرا وأسرارا سياسية وأخلاقية.
هذا الاغتيال ليس اغتيال الحمدي وأخيه فقط، إنما هو اغتيال لوطن بأكمله لأن الحمدي كان يحمل هم الوطن بأكمله، بينما الوطن هذه الأيام يحمل هم القادة والكبراء؛ ورغم مضي سنوات عدة على رحيله إلا أن ذكراه وروحه لا زالت متعانقة مع أرواح وقلوب اليمنيين الذين لم يعاصروه، فقط لأنهم سمعوا عنه وعن ما تمتع به من صفات وما آلت إليه اليمن في عهده.
بعد أن تولى الحمدي مقاليد الحكم بدأ عمرا جديدا للشعب اليمني فقد شهدت اليمن في عهده أفضل أيام الرخاء، وألقى الشعب عن كاهله المعاناة التي حملوها على عاتقهم لقرون طويلة فقد بنا الدولة الحديثة وعمل منذ توليه للحكم على التركيز على مجالات التنمية الاقتصادية والسياسية وعمل على إلغاء مسميات الشيخ والسيد وأبدلها بالأخ التي تعني سواسية الشعب، وأنزل الرتب العسكرية وجعل المقدم أعلى رتبة عسكرية وكان هو أول من شمله هذا القرار فبعد أن كان في رتبة العقيد أصبحت رتبته (مقدم) وبهذا القرار أعاد للجندي والضابط الهيبة المفقودة ومنع استخدام السيارات الحكومية والعسكرية للأغراض الشخصية.
كما عمل رحمه الله على زيادة المرتبات بالإضافة إلى أربعة مرتبات إضافية (بدون جرع) تصرف في المناسبات، وبعد 13 يوما عين الحمدي نائبا لرئيس الوزراء للشئون الداخلية يُشرف شخصيا على تنفيذ ومتابعة مشروعه التصحيحي.
كان الحمدي حريصا على المال العام ولم يكن مسرفا بذاخا، وتحقق للخزينة العامة في عهده فائضا كبيرا، حيث بلغت الأرصدة اليمنية للريال اليمني بالدولار بحسب ما ورد في نشرة الصندوق الدولي الفصلية عام 1977م (825 مليون دولار).
قرر الحمدي إعادة بناء سد مأرب فقصد الشيخ زايد بن سلطان الذي وافقه على تحمل التكاليف، وعرف عنه الزيارات المفاجئة للمرافق الحكومية والأمنية والعسكرية وكانت آخرها إلى تعز قبل اغتياله بأسابيع.
أما علاقاته الخارجية فإن الرجل كان له تحرك واسع إذ قام بتحسين العلاقة مع دول الجوار وقام بزيارة إلى الصين وزار أيضا السعودية في ديسمبر 1975م وكان موقفه واضحا أمام القضية الفلسطينية.
35 عاما على غياب وانطفاء مشروع الدولة اليمنية الحديثة الذي بدأها واثقا منذ توليه الحكم واستمرت قرب 41 شهرا، فترة قصيرة حفلت بالمنجزات في مجال التنمية والبناء ومع ذلك نلاحظ تجاهل كبير لهذه المنجزات في ظل غياب أخلاق الأمانة والنزاهة المتمثلة في إرجاع الفضل لأهله..!! a.alsabahi2010@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق