
الملف – باريس
وجه السيد مسعود رجوي رسالة يوم 17 تموز 2009 هنأ فيها بانتفاضة أهالي طهران، مؤكدًا اشتداد حدة الصراع بين الشعب ونظام حكم الملالي برمته واستعصاء الشرخ والانشقاق داخل النظام والعزم الراسخ على مواصلة الانتفاضة.
واستنتج أن شوكة ولاية الفقيه في النظام الإيراني قد انكسرت وأن ماكنة الفاشية الدينية الحاكمة في إيران قد تم تشغيلها.
وفي رسالته أوضح قائد المقاومة الإيرانية واجبات قوى الانتفاضة الثائرة ودعاها إلى تحرير الوطن واستيفاء حق الشعب الإيراني في السلطة.
وتاليا النص الرسالة:
التبريك والتهنئة
للشعب البطل وقوى الثورة الديمقراطية للشعب الإيراني
كسر شوكة الولاية وتشغيل ماكنة اسقاط سلطتها
مسعود رجوي – 17 تموز 2009
تحية لشهداء الانتفاضة
تحية للجرحى والمكدومين
سلمت أيدي الشبان البواسل الصناديد
وأيدي خلايا المقاومة وانتفاضة الشعب الإيراني بوجه مملكة الملالي المطلقة
اليوم ثار أهالي طهران مرة أخرى بأبعاد مليونية ليظهروا أمام العالم الإرادة الظافرة لشعب مكبل لنيل الحرية والتحرر من ظلم الملالي وذلك بروعة ولمعان مبهرين سطع بريقهما على العالم وعلى معظم وسائل الإعلام.
في الساعات الأخيرة من ليلة الجمعة 17 تموز (يوليو) 2009 على السبت، لا تزال تصل من مختلف مناطق العاصمة طهران أخبار المواجهات والهتافات ضد نظام الحكم. ومن المثير أن جميع قادة النظام ومصادره يقولون إن إقامة الصلاة كانت ذريعة وإن جميع الأشخاص الذين حضروا الساحة خارج المألوف كانوا قد جاؤوا ليس من أجل صلاة الجمعة الرئائية في نظام حكم الملالي وإنما من أجل عبادة صادقة ودعاء صادق للحرية ولشهدائهم وسجنائهم، وبهتافات مستمرة بـ "الموت للديكتاتور" و"الموت لخامنئي" و"خامنئي قاتل، ولايته باطلة".
وقال الملا "تقوي" رئيس "مجلس صنع السياسة لصلوات الجمعة" في كلمته إن صلاة الجمعة في هذا النظام هي "الصلاة الحكومية" و"صلاة الولاية" و"منبر النظام" ويجب أن تكون تابعة وداعمة لـ "السياسات المؤيدة من قبل فخامة القائد المعظم" في "الأجهزة والمؤسسات الرسمية للدولة والمجلس والسلطة القضائية والمجلس الأعلى لأمن النظام" (يقصد الممارسات القمعية والإعدامات الجماعية). حقًا لم يكن يمكن القول بعبارات أكثر دقة وصراحة من هذا.
ولهذا السبب بالضبط فإن كل من يعرف ثقافة القرآن وفقه التشيع العلوي فهو يعرف بوضوح أن أية مشاركة واشتراك في الصلوات الرئائية هي صد عن سبيل ونفاق جملة وتفصيلاً وباطل وحرام وليست إلا "رئاء الناس" كون هذه الصلوات هي منبر نظام حكم غاصب طاغية. ولو أقام "الولي الفقيه" في النظام الرجعي وجلاوزته هكذا صلاة حتى في بيت الله الحرام وبالقرب من الكعبة المشرفة، لشملتها حتى في هذه الحالة أيضًا الآية القرآنية الكريمة القائلة: "مَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً".
فطوبى للفتيات والفتيان والمواطنين الأحرار الذين يربكون ويفضون ما يقيمه الملالي من حفلات "المكاء والتصدية" حسب التعبير القرآني في أيام الجمعة. فإن هؤلاء الأبطال الشجعان هم الذين يؤدون العبادة والمجاهدة الحقيقية ليزيدهم الله العزيز القدير أجرًا ويعليهم قدرًا ودرجة ومرتبة. نعم، هذا هو تمهيد الطريق لتحرير الجامعة من حبائل الظلام والأسر التي قيّدها بها وخيّم عليها عفريت الولاية منذ ثلاثة عقود، وبذلك سيتم طي صفحة سوق الجمعة هذا للمتاجرة بالدين ورئاء الناس وسيتمكن الطلاب الإيرانيون المناضلون والمجاهدون من إعادة تحرير وفتح الجامعة مثلما قاموا في ذلك اليوم من أيام الثورة المناهضة للملكية بتحطيم تمثال الشاه في مدخل جامعة طهران ليقرعوا بذلك ناقوس سقوط الديكتاتورية وأجراس انتصار ثورة الشعب الإيراني ضد الملكية.
*****
ولكن الدرس الأول لانتفاضة اليوم (17 تموز – يوليو 2009) هو احتدام الصراع بين الشعب من جهة ونظام حكم الملالي ونظام "ولاية الفقيه" برمته من جهة أخرى. والجميع يرون مرة أخرى بأم أعينهم أن الاستبداد الديني ونظام ولاية الفقيه يتعارضان ويتناقضان في جوهرهما مع الانتخابات ولا يفيدان بشيء. واليوم ومنذ ساعات كانت حشود الجماهير وفي مواجهة الهجمات الوحشية التي تشنها الكلاب المتمثلة في المتنكرين بالزي المدني أو الذين يمسكون بقلائد الرجعية وخاصه هجماتهم القذرة على أخواتنا، كانت تصرخ: "أيها القادة، سلّحونا"! و"لا تخافوا، لا تخافوا، الكفاح حتى التخلص".
الدرس الثاني هو اشتداد واستعصاء الصدع والانشقاق والصراع داخل نظام الولاية المعوق أحادي القاعدة في مرحلته النهائية.
أما الدرس الثالث الذي هو أهم الدروس فهو استمرار الانتفاضة والعزم الراسخ للمواطنين الثائرين والشبان المتفانين على مواصلة الانتفاضة في أية ظروف وباستخدام أي غطاء وأية مناسبة. لقد بلغ سيل هذا النظام الزبى وقد خسر الولي الفقيه المعركة. فاعترف وأكد رفسنجاني اليوم وبصراحة بتأزم وتدهور أوضاع النظام وخسارة النظام برمته خلال الانتخابات.
كما وعلى الصعيد الدولي أيضًا يشهدون على أنه "يجري في إيران ما لم يعد يمكن إيقافه". نعم، يحق لكم أن تغنوا بالتصفيق والدبكات ومن صميم الروح: "نحن كلنا صوت واحد، نحن كلنا ”نداء” واحد".
وخلاصة القول إنه ومنذ أن انكسرت شوكة ولاية الفقيه وانهارت هيبة كبير معممي النظام خلال مهزلة الانتخابات فاندلعت الانتفاضة أصبح قطار نظام الولاية الذي فقد دواسته وكابحه يسير في منحدر السقوط وبدأت فعلاً مرحلة سقوط الفاشية الدينية، شريط أن نكون نحن أبناء الشعب فردًا فردًا مستعدين وبإرادة صلبة لدفع الثمن ونثبت ذلك ونريه للعالم.
*****
"الولي الفقيه" للنظام الرجعي أصبح مغرورًا بكون نظامه أحادي القاعدة لمدة 4 سنوات وما حصدها من الغنيمة الباردة نتيجة الحرب في العراق خاصة نزع أسلحة جيش التحرير الوطني الإيراني وفرض الحصار على مجاهدي خلق حتى ارتكب سلسلة من الأخطاء. فهو كان يريد من جهة استخراج أحمدي نجاد من صناديق الاقتراع من خلال انتخابات بجولة واحدة ويريد من جهة أخرى أن يعلن رقم الناخبين 40 مليونًا ومشاركة نسبة 85 بالمائة من الناخبين في الانتخابات وكذلك كان يريد تسخين الانتخابات بالمناظرة وفي الوقت نفسه إبعاد كل من رفسنجاني وموسوي وكروبي والآخرين عن الساحة تمامًا بتشهيرهم. فهنا حصل التصدع والانشقاق وفاض سيل الظروف المادية الجارف وتفجرت الطاقة الكامنة الضخمة التي تندفع وتنطلق باستغلال أية فرصة وكل ثقبة وهوة وبانسيابية عارمة مهما كان الثمن.
أخلص إلى القول إن انتفاضة 17 تموز (يوليو) الجاري هي تشغيل ماكنة اسقاط هذا النظام.
يذكر أن رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لمرحلة نقل السلطة إلى الشعب الإيراني كانت قد قالت صائبة في خطابها يوم 20 حزيران (يونيو) الماضي: "اليوم يصادف الذكرى الثامنة والعشرين لانطلاقة مقاومة الشعب الإيراني من أجل الحرية التي قدمت 120 ألف شهيد على درب الحرية. إذن أعلن وبكل نخوة وفخر واعتزاز و أمام العالم أنه ومن الناحيتين السياسية والإستراتيجية انهزم المشعوذان, وهما "الولي الفقيه" ووصيفه أحمدي نجاد ودفعا لا محالة بنظامهما إلى منحدر السقوط وإلى عهد اللاعودة وهو العهد الذي قد جعل الرحى يدور ضد نظامهم وبكل أجنحته وتياراته... فأعلن أننا نحن أبناء الشعب الإيراني هم الفائزون الحقيقيون في النهاية للانتخابات التي أجراها النظام.. نحن الإيرانين في العالم وفي أشرف متعطشون للحرية... نعم، هذا الفوز هو فوز الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية وفوز مجاهدي درب الحرية الذين هم محصورون ومحبوسون في أشرف منذ سبع سنوات".
بطبيعة الحال ان الهراوات والتعذيب والسياط تبقى فعالة طالما يكون النظام قائمًا على السلطة ولن يكون أية أجواء سياسية منفتحة تتحمل الرأي الآخر الا عشية السقوط الأكيد لنظام ولاية الفقيه.
من جهة أخرى لن يتكرر التاريخ ليشبه اليوم بالأيام الأخيرة لنظام الشاه. اياكم وأن تظنوا أن الأمور تسير تلقائياً وتنتج وتعطي ثمرها في اللحظة. علينا أن نبني هذا المشروع بأيدينا لبنة فلبنة وبأيدي أبناء شعبنا ونرتبها ونقيمها. لا تقللوا من أهمية تشغيل ماكنة اسقاط النظام وخطر الحركة العشوائية والعفوية.
كما تذكرت أن هذه الليلة تصادف الذكرى الحادية والعشرين لـ"تجرع سم وقف اطلاق النار" خلال حرب الثماني سنوات الخيانية. كان خميني يقول ان السلام "هو دفن الاسلام" وكان يقسم بأنه سيواصل الحرب الخيانية حتى اذا استمرت 20 سنة وحتى آخر منزل يبقى عامراً في طهران، الا أنه وبعد أقل من شهر من تحرير مدينة مهران الحدودية على يد جيش التحرير الوطني الايراني اضطر في 18 تموز 1988 الى تجرع ما وصفه نفسه بـ "كأس سم وقف اطلاق النار" المفروضة عليه لمصلحة النظام ومن أجل بقائه، ولكنه كان غافلاً عن أن مجاهدي درب الحرية سيقومون بعد اسبوع منه أي في 25 تموز من نفس العام الذي كان يصادف عيد الاضحى وبكل ما اوتوا من عدد وعدة بخوض عملية "الضياء الخالد" ليؤدوا واجبهم ويسرعوا إلى أرض الوطن ويتقدموا حتى يصلوا مشارف مدينة كرمانشاه.
وبلغ الأمر حداً وصفه ولايتي الذي كان يشغل لمدة 16 عاماً منصب وزير خارجية النظام بـ "أكثر الايام مرارة طيلة 16 عاماً" حيث قال في حديث صحفي: "عندما كنت في نيويورك وقبل اللقاء بالأمين العام للامم المتحدة آنذاك ما إن جلست حتى تسلمت برقية كتب فيها ان المنافقين شنوا حملة على ايران واستولوا على مدينتي ”كرند” و”اسلام آباد غرب” وهم على مشارف كرمانشاه، فيما كنا قد ذهبنا لنناقش قضية وقف اطلاق النار.. خلاصة القول إن هذه كانت أكثر الأيام مرارة طيلة سنوات عملي الـ16... وفيما يتعلق بأكثر الذكريات مرارة أتذكر قضية ربما لا تكون دبلوماسية وصحية بقدر يذكر ولكنني أفضل شرحها لكم ربما تكون مثيرة.. عندما أعطوني البرقية انتابني الغضب والحزن بحيث أنه وبرغم كوني شخصًا لا يدخن طلبت سيجارة من أحد وأخذتها ودخنتها حتى النهاية وعندما وصلت الى عقبتها فدخنتها أيضاً ولكنني لم أنتبه بأنني أدخن العقبة (الفلتر) أيضاً!". (صحيفة ايران 9 تموز 2007).
في العام الماضي وفي الذكرى العشرين لملحمة "الضياء الخالد" العقائدية والوطنية، اعترف نظام الملالي وبصريح العبارة قائلاً: "عملية مرصاد (الضياء الخالد) يمكن اعتبارها من حيث الأهمية الجغرافية والمكانية تساوي عملية تحرير خرمشهر أو عملية بيت المقدس وحتى أكبر من ذلك.. لأن هزيمتنا في خرمشهر كانت تمكن أن تنتهي الى فصل خوزستان عن ايران، الا أن وصول المنافقين الى كرمانشاه كان يشكل خطراً جدياً على النظام الاسلامي برمته" (تلفزيون النظام).
وقبله كان أحد قادة قوات الحرس قد كشف أن خميني وخلال عملية الضياء الخالد قد وجه رسالة الى قوات الحرس عبر نجله احمد تليت على جميع عناصر النظام.. وكان خميني قد أكد في تلك الرسالة: "هنا نقطة الهزيمة أو الانتصار بالنسبة للاسلام أو الكفر.. فيجب أن تقاتلوا متراً متراً" (تلفزيون النظام 27 تموز 2007).
اذا ما صرفنا النظر عن لغة خميني العكسية بشأن الكفر والاسلام، فنقول نعم وبقدر ما يخصنا فاننا أهل القتال نساء ورجالاً من أجل تحرير الوطن ومن أجل حق الشعب الايراني في السلطة وعلينا أن نقاتل كل سنتيمتر بعد سنتيمتر لاسقاط العفاريت والوحوش المعممة وذوات القلادة أو المتنكرين بالزي المدني.
تحية للشهداء الأبرار بدءاً ممن سقطوا في جيش التحرير الوطني الايراني والى شهداء "خاوران" (مقبرة شهداء المقاومة في طهران من المعدومين خلال مجزرة السجناء السياسيين عام 1988) وشهداء جيش الانتفاضة في شوارع طهران المصبوغة بالدماء.
فسلام عليهم يوم ولدوا،
ويوم ثاروا وهبوا لتحقيق الحرية،
ويوم أصبحوا من الخالدين،
ويوم يجلبون سلطة الشعب الايراني هدية لايران،
ويوم يبعثون أحياءً في الحياة الابدية.
مسعود رجوي
17 تموز / يوليو 2009
وجه السيد مسعود رجوي رسالة يوم 17 تموز 2009 هنأ فيها بانتفاضة أهالي طهران، مؤكدًا اشتداد حدة الصراع بين الشعب ونظام حكم الملالي برمته واستعصاء الشرخ والانشقاق داخل النظام والعزم الراسخ على مواصلة الانتفاضة.
واستنتج أن شوكة ولاية الفقيه في النظام الإيراني قد انكسرت وأن ماكنة الفاشية الدينية الحاكمة في إيران قد تم تشغيلها.
وفي رسالته أوضح قائد المقاومة الإيرانية واجبات قوى الانتفاضة الثائرة ودعاها إلى تحرير الوطن واستيفاء حق الشعب الإيراني في السلطة.
وتاليا النص الرسالة:
التبريك والتهنئة
للشعب البطل وقوى الثورة الديمقراطية للشعب الإيراني
كسر شوكة الولاية وتشغيل ماكنة اسقاط سلطتها
مسعود رجوي – 17 تموز 2009
تحية لشهداء الانتفاضة
تحية للجرحى والمكدومين
سلمت أيدي الشبان البواسل الصناديد
وأيدي خلايا المقاومة وانتفاضة الشعب الإيراني بوجه مملكة الملالي المطلقة
اليوم ثار أهالي طهران مرة أخرى بأبعاد مليونية ليظهروا أمام العالم الإرادة الظافرة لشعب مكبل لنيل الحرية والتحرر من ظلم الملالي وذلك بروعة ولمعان مبهرين سطع بريقهما على العالم وعلى معظم وسائل الإعلام.
في الساعات الأخيرة من ليلة الجمعة 17 تموز (يوليو) 2009 على السبت، لا تزال تصل من مختلف مناطق العاصمة طهران أخبار المواجهات والهتافات ضد نظام الحكم. ومن المثير أن جميع قادة النظام ومصادره يقولون إن إقامة الصلاة كانت ذريعة وإن جميع الأشخاص الذين حضروا الساحة خارج المألوف كانوا قد جاؤوا ليس من أجل صلاة الجمعة الرئائية في نظام حكم الملالي وإنما من أجل عبادة صادقة ودعاء صادق للحرية ولشهدائهم وسجنائهم، وبهتافات مستمرة بـ "الموت للديكتاتور" و"الموت لخامنئي" و"خامنئي قاتل، ولايته باطلة".
وقال الملا "تقوي" رئيس "مجلس صنع السياسة لصلوات الجمعة" في كلمته إن صلاة الجمعة في هذا النظام هي "الصلاة الحكومية" و"صلاة الولاية" و"منبر النظام" ويجب أن تكون تابعة وداعمة لـ "السياسات المؤيدة من قبل فخامة القائد المعظم" في "الأجهزة والمؤسسات الرسمية للدولة والمجلس والسلطة القضائية والمجلس الأعلى لأمن النظام" (يقصد الممارسات القمعية والإعدامات الجماعية). حقًا لم يكن يمكن القول بعبارات أكثر دقة وصراحة من هذا.
ولهذا السبب بالضبط فإن كل من يعرف ثقافة القرآن وفقه التشيع العلوي فهو يعرف بوضوح أن أية مشاركة واشتراك في الصلوات الرئائية هي صد عن سبيل ونفاق جملة وتفصيلاً وباطل وحرام وليست إلا "رئاء الناس" كون هذه الصلوات هي منبر نظام حكم غاصب طاغية. ولو أقام "الولي الفقيه" في النظام الرجعي وجلاوزته هكذا صلاة حتى في بيت الله الحرام وبالقرب من الكعبة المشرفة، لشملتها حتى في هذه الحالة أيضًا الآية القرآنية الكريمة القائلة: "مَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً".
فطوبى للفتيات والفتيان والمواطنين الأحرار الذين يربكون ويفضون ما يقيمه الملالي من حفلات "المكاء والتصدية" حسب التعبير القرآني في أيام الجمعة. فإن هؤلاء الأبطال الشجعان هم الذين يؤدون العبادة والمجاهدة الحقيقية ليزيدهم الله العزيز القدير أجرًا ويعليهم قدرًا ودرجة ومرتبة. نعم، هذا هو تمهيد الطريق لتحرير الجامعة من حبائل الظلام والأسر التي قيّدها بها وخيّم عليها عفريت الولاية منذ ثلاثة عقود، وبذلك سيتم طي صفحة سوق الجمعة هذا للمتاجرة بالدين ورئاء الناس وسيتمكن الطلاب الإيرانيون المناضلون والمجاهدون من إعادة تحرير وفتح الجامعة مثلما قاموا في ذلك اليوم من أيام الثورة المناهضة للملكية بتحطيم تمثال الشاه في مدخل جامعة طهران ليقرعوا بذلك ناقوس سقوط الديكتاتورية وأجراس انتصار ثورة الشعب الإيراني ضد الملكية.
*****
ولكن الدرس الأول لانتفاضة اليوم (17 تموز – يوليو 2009) هو احتدام الصراع بين الشعب من جهة ونظام حكم الملالي ونظام "ولاية الفقيه" برمته من جهة أخرى. والجميع يرون مرة أخرى بأم أعينهم أن الاستبداد الديني ونظام ولاية الفقيه يتعارضان ويتناقضان في جوهرهما مع الانتخابات ولا يفيدان بشيء. واليوم ومنذ ساعات كانت حشود الجماهير وفي مواجهة الهجمات الوحشية التي تشنها الكلاب المتمثلة في المتنكرين بالزي المدني أو الذين يمسكون بقلائد الرجعية وخاصه هجماتهم القذرة على أخواتنا، كانت تصرخ: "أيها القادة، سلّحونا"! و"لا تخافوا، لا تخافوا، الكفاح حتى التخلص".
الدرس الثاني هو اشتداد واستعصاء الصدع والانشقاق والصراع داخل نظام الولاية المعوق أحادي القاعدة في مرحلته النهائية.
أما الدرس الثالث الذي هو أهم الدروس فهو استمرار الانتفاضة والعزم الراسخ للمواطنين الثائرين والشبان المتفانين على مواصلة الانتفاضة في أية ظروف وباستخدام أي غطاء وأية مناسبة. لقد بلغ سيل هذا النظام الزبى وقد خسر الولي الفقيه المعركة. فاعترف وأكد رفسنجاني اليوم وبصراحة بتأزم وتدهور أوضاع النظام وخسارة النظام برمته خلال الانتخابات.
كما وعلى الصعيد الدولي أيضًا يشهدون على أنه "يجري في إيران ما لم يعد يمكن إيقافه". نعم، يحق لكم أن تغنوا بالتصفيق والدبكات ومن صميم الروح: "نحن كلنا صوت واحد، نحن كلنا ”نداء” واحد".
وخلاصة القول إنه ومنذ أن انكسرت شوكة ولاية الفقيه وانهارت هيبة كبير معممي النظام خلال مهزلة الانتخابات فاندلعت الانتفاضة أصبح قطار نظام الولاية الذي فقد دواسته وكابحه يسير في منحدر السقوط وبدأت فعلاً مرحلة سقوط الفاشية الدينية، شريط أن نكون نحن أبناء الشعب فردًا فردًا مستعدين وبإرادة صلبة لدفع الثمن ونثبت ذلك ونريه للعالم.
*****
"الولي الفقيه" للنظام الرجعي أصبح مغرورًا بكون نظامه أحادي القاعدة لمدة 4 سنوات وما حصدها من الغنيمة الباردة نتيجة الحرب في العراق خاصة نزع أسلحة جيش التحرير الوطني الإيراني وفرض الحصار على مجاهدي خلق حتى ارتكب سلسلة من الأخطاء. فهو كان يريد من جهة استخراج أحمدي نجاد من صناديق الاقتراع من خلال انتخابات بجولة واحدة ويريد من جهة أخرى أن يعلن رقم الناخبين 40 مليونًا ومشاركة نسبة 85 بالمائة من الناخبين في الانتخابات وكذلك كان يريد تسخين الانتخابات بالمناظرة وفي الوقت نفسه إبعاد كل من رفسنجاني وموسوي وكروبي والآخرين عن الساحة تمامًا بتشهيرهم. فهنا حصل التصدع والانشقاق وفاض سيل الظروف المادية الجارف وتفجرت الطاقة الكامنة الضخمة التي تندفع وتنطلق باستغلال أية فرصة وكل ثقبة وهوة وبانسيابية عارمة مهما كان الثمن.
أخلص إلى القول إن انتفاضة 17 تموز (يوليو) الجاري هي تشغيل ماكنة اسقاط هذا النظام.
يذكر أن رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لمرحلة نقل السلطة إلى الشعب الإيراني كانت قد قالت صائبة في خطابها يوم 20 حزيران (يونيو) الماضي: "اليوم يصادف الذكرى الثامنة والعشرين لانطلاقة مقاومة الشعب الإيراني من أجل الحرية التي قدمت 120 ألف شهيد على درب الحرية. إذن أعلن وبكل نخوة وفخر واعتزاز و أمام العالم أنه ومن الناحيتين السياسية والإستراتيجية انهزم المشعوذان, وهما "الولي الفقيه" ووصيفه أحمدي نجاد ودفعا لا محالة بنظامهما إلى منحدر السقوط وإلى عهد اللاعودة وهو العهد الذي قد جعل الرحى يدور ضد نظامهم وبكل أجنحته وتياراته... فأعلن أننا نحن أبناء الشعب الإيراني هم الفائزون الحقيقيون في النهاية للانتخابات التي أجراها النظام.. نحن الإيرانين في العالم وفي أشرف متعطشون للحرية... نعم، هذا الفوز هو فوز الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية وفوز مجاهدي درب الحرية الذين هم محصورون ومحبوسون في أشرف منذ سبع سنوات".
بطبيعة الحال ان الهراوات والتعذيب والسياط تبقى فعالة طالما يكون النظام قائمًا على السلطة ولن يكون أية أجواء سياسية منفتحة تتحمل الرأي الآخر الا عشية السقوط الأكيد لنظام ولاية الفقيه.
من جهة أخرى لن يتكرر التاريخ ليشبه اليوم بالأيام الأخيرة لنظام الشاه. اياكم وأن تظنوا أن الأمور تسير تلقائياً وتنتج وتعطي ثمرها في اللحظة. علينا أن نبني هذا المشروع بأيدينا لبنة فلبنة وبأيدي أبناء شعبنا ونرتبها ونقيمها. لا تقللوا من أهمية تشغيل ماكنة اسقاط النظام وخطر الحركة العشوائية والعفوية.
كما تذكرت أن هذه الليلة تصادف الذكرى الحادية والعشرين لـ"تجرع سم وقف اطلاق النار" خلال حرب الثماني سنوات الخيانية. كان خميني يقول ان السلام "هو دفن الاسلام" وكان يقسم بأنه سيواصل الحرب الخيانية حتى اذا استمرت 20 سنة وحتى آخر منزل يبقى عامراً في طهران، الا أنه وبعد أقل من شهر من تحرير مدينة مهران الحدودية على يد جيش التحرير الوطني الايراني اضطر في 18 تموز 1988 الى تجرع ما وصفه نفسه بـ "كأس سم وقف اطلاق النار" المفروضة عليه لمصلحة النظام ومن أجل بقائه، ولكنه كان غافلاً عن أن مجاهدي درب الحرية سيقومون بعد اسبوع منه أي في 25 تموز من نفس العام الذي كان يصادف عيد الاضحى وبكل ما اوتوا من عدد وعدة بخوض عملية "الضياء الخالد" ليؤدوا واجبهم ويسرعوا إلى أرض الوطن ويتقدموا حتى يصلوا مشارف مدينة كرمانشاه.
وبلغ الأمر حداً وصفه ولايتي الذي كان يشغل لمدة 16 عاماً منصب وزير خارجية النظام بـ "أكثر الايام مرارة طيلة 16 عاماً" حيث قال في حديث صحفي: "عندما كنت في نيويورك وقبل اللقاء بالأمين العام للامم المتحدة آنذاك ما إن جلست حتى تسلمت برقية كتب فيها ان المنافقين شنوا حملة على ايران واستولوا على مدينتي ”كرند” و”اسلام آباد غرب” وهم على مشارف كرمانشاه، فيما كنا قد ذهبنا لنناقش قضية وقف اطلاق النار.. خلاصة القول إن هذه كانت أكثر الأيام مرارة طيلة سنوات عملي الـ16... وفيما يتعلق بأكثر الذكريات مرارة أتذكر قضية ربما لا تكون دبلوماسية وصحية بقدر يذكر ولكنني أفضل شرحها لكم ربما تكون مثيرة.. عندما أعطوني البرقية انتابني الغضب والحزن بحيث أنه وبرغم كوني شخصًا لا يدخن طلبت سيجارة من أحد وأخذتها ودخنتها حتى النهاية وعندما وصلت الى عقبتها فدخنتها أيضاً ولكنني لم أنتبه بأنني أدخن العقبة (الفلتر) أيضاً!". (صحيفة ايران 9 تموز 2007).
في العام الماضي وفي الذكرى العشرين لملحمة "الضياء الخالد" العقائدية والوطنية، اعترف نظام الملالي وبصريح العبارة قائلاً: "عملية مرصاد (الضياء الخالد) يمكن اعتبارها من حيث الأهمية الجغرافية والمكانية تساوي عملية تحرير خرمشهر أو عملية بيت المقدس وحتى أكبر من ذلك.. لأن هزيمتنا في خرمشهر كانت تمكن أن تنتهي الى فصل خوزستان عن ايران، الا أن وصول المنافقين الى كرمانشاه كان يشكل خطراً جدياً على النظام الاسلامي برمته" (تلفزيون النظام).
وقبله كان أحد قادة قوات الحرس قد كشف أن خميني وخلال عملية الضياء الخالد قد وجه رسالة الى قوات الحرس عبر نجله احمد تليت على جميع عناصر النظام.. وكان خميني قد أكد في تلك الرسالة: "هنا نقطة الهزيمة أو الانتصار بالنسبة للاسلام أو الكفر.. فيجب أن تقاتلوا متراً متراً" (تلفزيون النظام 27 تموز 2007).
اذا ما صرفنا النظر عن لغة خميني العكسية بشأن الكفر والاسلام، فنقول نعم وبقدر ما يخصنا فاننا أهل القتال نساء ورجالاً من أجل تحرير الوطن ومن أجل حق الشعب الايراني في السلطة وعلينا أن نقاتل كل سنتيمتر بعد سنتيمتر لاسقاط العفاريت والوحوش المعممة وذوات القلادة أو المتنكرين بالزي المدني.
تحية للشهداء الأبرار بدءاً ممن سقطوا في جيش التحرير الوطني الايراني والى شهداء "خاوران" (مقبرة شهداء المقاومة في طهران من المعدومين خلال مجزرة السجناء السياسيين عام 1988) وشهداء جيش الانتفاضة في شوارع طهران المصبوغة بالدماء.
فسلام عليهم يوم ولدوا،
ويوم ثاروا وهبوا لتحقيق الحرية،
ويوم أصبحوا من الخالدين،
ويوم يجلبون سلطة الشعب الايراني هدية لايران،
ويوم يبعثون أحياءً في الحياة الابدية.
مسعود رجوي
17 تموز / يوليو 2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق