الثلاثاء، 21 يوليو 2009

يامغامر بحياة الغير


رؤوفة حسن الجمعة - 15 - مايو - 2009

أن تغامر بحياتك هو نوع من الانتحار لا يقبله العقل ولا الدين. أما أن تغامر بحياة غيرك فهي جريمة يحاسبك عليها الضمير والقانون. واليمن اليوم تعرف عدداً من الجرائم تؤدي معظمها الى المغامرة بحياة الآخرين. فالذين ينزعون الى الأطروحات المتطرفة دون حساب إلى ما تؤدي اليه عملية التبني لأفكارهم وتحويلها إلى واقع، هم أشخاص يغامرون بحياة الغير. والذين ينظرون لمصالحهم الآنية دون حساب لما تتركه من آثار على الناس وعلى مصائرهم وحياتهم، هم أيضا يغامرون بحياة الغير.والذين يعتبرون أن حرية الكلمة هي حرية غير مسؤولة ومطلقة العنان دون حدود أو مسؤولية هم أيضا يغامرون بحياة الغير.والذين يمارسون الضغوط على الناس وتضييق أبواب مصادر الرزق في وجوههم حتى يجعلونهم يستميتوا في المطالبة بحقوقهم لأنهم لم يعد لهم ما يخسرون، هم كذلك مغامرون بحياة الغير.ومقال اليوم يتحدث عن مجموعة من المغامرين بحياة الآخرين صار السكوت عن الحال معهم جريمة مثلها مثل مغامراتهم.المغامرون المخزنونالعنوان هو جزء من أغنية يمنية موجهة لهؤلاء الذين يطيرون في الشوارع والطرقات الطويلة، فينتهي الأمر بهم إلى دهس المشاة أو إلى صدم سيارات الآخرين وقتل وجرح من يركبون معهم أو من هم على السيارات والوسائل التي صدموها.جزء كبير من هذه الحوادث تقع لأن لها علاقة بالقات وتخزين القات بشكل أو بآخر. فهي تقع صباحا لأن مخزن القات الذي يقود المركبة لم ينم في الليل ويشعر بحالة من الإرهاق وغير قادر على التركيز.وهي أيضا تقع ظهرا لأن مخزن القات في حالة من عدم التوازن الجسدي الذي يحتاج معه إلى السرعة لشراء القات أو السرعة لتناول غداء سريع قبل أن يجلس جلسته المطولة لتناول القات. وهي أيضا تقع في فترة المساء حينما يعاني مخزنو القات من حالة الاكتئاب التي يخلفها القات ويخرجون من بيوتهم لمهام يحتاجونها وهم في حالة من التوتر والسوداوية، كافية لوقوع الحوادث المختلفة.وتحدث كذلك مع المخزنين الذين يفقدون قدرتهم على التركيز لحالات ما قبل ومابعد القات، وساعة الاكتئاب اليومية. وهكذا يكون السكوت عن مؤثرات تناول القات على عدد من يحلون بالمستشفيات كجرحى وعلى عدد العائلات المنكوبة بفقدان أفراد لها هو استمرار لثقافة السكوت عن المخاطر المجتمعية المختلفة حرصا على عدم جرح مشاعر المخزنين الذين يزدادون كل يوم على أوسع نطاق في اليمن. المغامرة بالحياة رسميا:القات والتسرع والسائقون من سن صغير والسيارات التي يتم صيانتها عند عاملي ورش معدومي الضمير هي جزء من مصفوفة طويلة لمجموع العوامل التي تؤدي إلى وفيات وجرحى يتم الاعلان عنهم بشكل أسبوعي وشهري من قبل إدارات المرور المختلفة، بحيث يفوق عدد المتضررين من الحوادث عن كل الحروب التي خاضتها اليمن حتى الآن.لكن المغامرين الرسميين بحياة الناس، هم أيضا قصة أخرى. فالطرقات الطويلة التي تم أحيانا التعاقد مع المقاولين المنفذين لها ليس على أساس كفاءتهم في وضع الطريق بل على قدرتهم على الحصول على المناقصات بوسائل صارت أشهر من نار على علم، هذه الطرقات جزء من المغامرة الرسمية بحياة الناس.أما فقدان الصيانة على هذه الطرقات وحتى الشوارع في المدن فهو أيضا حال من الرعاية الرسمية لحوادث الموت والمزيد من الجرحى، وبالتالي هو مغامرة بحياة الناس.فكيف تتوقع المجالس المحلية ان يظل انتخاب الناس لها قائماً في شوارع تتناثر فيها الحفر وتبقى الى أمد لاينتهي، وهي لا تتابع أجهزة الصيانة في الجهات المتخصصة ولا تتابع التبليغ بالحفر اليومية المتزايدة.أما على الطرقات الطويلة وقصص انزلاق القاطرات الواحدة بعد الأخرى فهو حال لا يعني سوى أن هناك أشخاصاً في جهات عملهم قد نسوا ما الذي يعنيه القيام بالواجب. فالمنطق أن حالة انزلاق قاطرة واحدة مدعاة للتحقيق ومن ثم تصليح الطريق. كم يجب أن يموت ويجرح من الناس في هذه الشوارع والطرقات حتى يتوقف أهل هذه البلاد ويناقشون هذا الاستنزاف البشري والصحي اليومي الذي يحدث.raufah@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق