بقلم سامي نصر
إذا كانت نتيجة اللعبة الانتخابيّة كما تعوّدنا عليها في العالم العربي تسير دائما نحو إعادة إنتاج ميكانيزمات السلطة والنفوذ، وإعادة تجديد شرعيّة تسلّط الحاكم على المحكوم... فإنّ الانتخابات الرئاسيّة اليمنيّة المزمع عقدها يوم 20 سبتمبر 2006 قد تحمل بوادر تغيير محتمل من شأنه أن يجعلنا نتحدّث عن مرحلة ما قبل ومرحلة ما بعد انتخابات سبتمبر 2006، فمعاينتنا الميدانيّة للأجواء الانتخابيّة في أيمها العشر الأوائل جعلتنا نتوقّف على العديد من المؤشرات الدالة إمّا على بوادر انهيار الحزب الحاكم (حزب المؤتمر الشعبي العام) أو على الأقل إحداث تغييرات جذريّة في هيكلة الحزب وهيكلة الدولة وطريقة تعامل السلطة الحاكمة مع المواطن اليمني والقوى الفاعلة في المجتمع.. وهذا ما أكّدته بعض الأحداث السياسيّة أثناء المرحلة الأولى من الحملة الانتخابيّة اليمنيّة.الخارطة السياسيّة وقوّة المعارضة اليمنيّة: تتصارع وتتنافس داخل الساحة السياسيّة اليمنيّة 22 حزبا سياسيّا، خيّرت أغلبيتها العمل الجماعي أو العمل ضمن ما يسمى بالتجمعات الحزبيّة، وتمثل "أحزاب اللقاء المشترك" في هذه الانتخابات أهم قوّة سياسيّة داخل الساحة السياسيّة اليمنيّة، وذلك لتواجد كل من "التجمع اليمني للإصلاح" (له اتجاه إسلامي) وخصمه السياسي "الحزب الاشتراكي اليمني" إضافة "للتنظيم الوحدوي الناصري" و "حزب البعث العربي القومي" و"اتحاد القوى الشعبيّة و"حزب الحق". هذا وقد بدأ العمل المشترك ضمن "اللقاء المشترك" منذ 6 سنوات وسبق له وأن خاض تجربتين انتخابيّة كانت الأولى في سنة 2001 (انتخابات محليّة) وفي سنة 2003 (انتخابات نيابيّة) ويخوض هذه السنة تجربتين انتخابيتين (رئاسيّة ومحليّة).وفي المقابل نجد تجمّعا حزبيّا آخر على الساحة اليمنيّة أطلق على نفسه تسمية "أحزاب المعارضة الوطنيّة" أو "المجلس الوطني للمعرضة" تضم 12 حزبا سياسيّا، ولكنّ رغم ذلك ليس نفس فاعليّة وتأثير اللقاء المشترك وذلك لاقترابها من سياسة الحزب الشعبي العام الحزب الحاكم.. الشيء الذي جعل مرشّحه السيد ياسين عبده سعيد يسخّر حملاته الانتخابيّة للردّ على مرشّح اللقاء المشترك السيد فيصل بن شملان.كما اختارت ثلاثة أحزاب سياسيّة العمل الفردي على الاشتراك في هذا التجمع أو ذاك وهذه الأحزاب هي "حزب التجمع الوحدوي اليمني" وحزب رابطة أبناء اليمن" و"حزب الخضر الاجتماعي".حماس المتنافسين يطغى على الساحة السياسيّة اليمنيّة تميّزت الحملات الانتخابيّة منذ بدايتها بشكلها الحماسي والتنافسي، والاعتماد على السياسة الاستعراضيّة لكل طرف، فمنذ اليوم الأوّل للحملة قرّر ممثلو "اللقاء المشترك" عقد مهرجانهم الانتخابي في ميدان السبعين (وسط العاصمة صنعاء) إلاّ أن اللجنة العليا للانتخابات رفضت مطلبهم هذا بتعلّة عدم القرة على توفير الحماية الشخصيّة لمرشحهم فيصل بن شملان وأجبرتهم على تأجيل المهرجان إلى يوم 24 أوت عوضا عن 23 أوت واختيار الملعب الرياضي بمدينة الثورة عوضا عن ميدان السبعين (وهي منطقة بعيدة جدّا عن المناطق العمرانيّة والمناطق التجاريّة والسياحيّة)، ورغم ذلك تمكّن اللقاء المشترك في استقطاب ما يقارب الـ 100ألف مواطن يمني... الشيء الذي جعل الرئيس المرشح عبد الله صالح يؤجّل مهرجانه الانتخابي إلى يوم 30 أوت ثم يؤجله إلى يوم 31 أوت، وطيلة الأسبوع الأوّل للحملة الانتخابيّة لم يكتف حزب المؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم) بمراقبة مهرجانات المعارضة والردّ على شعاراتهم، بل حاول خوض معركته الانتخابيّة ولكن بأسلوبه و"إمكانياته الخاصة"، بعيدا عن المهرجانات الخطابيّة والاحتكاك المباشر بالمواطنين، ومن بين أهم الأساليب الدعائيّة التي اعتمد عليها الرئيس المرشّح هي: أوّلا، استعمال السيّارات الدعائيّة ومضخمات الصوت (على الرغم من أن اللجنة العليا للانتخابات منعت بشكل واضح استعمال هذا النوع من الأسلوب الدعائي). وثانيا، تكثيف المعلّقات والصور في الأماكن العامة، إذ لا تكاد تجد مكانا خال من صوره ومن شعارات الحزب الحاكم، وقد ذكر حزب المؤتمر أنّه قام بطباعة 500 مليون صورة للرئيس، بمعنى حوالي 25 صورة لكل مواطن يمني، وقد علّقت الصحفيّة رشيدة القيلي عن ذلك بقولها ".. أنّ نصيبي ونصيب زوجي وأولادي الثلاثة هو 125 صورة. أناشد قيادة الحزب الحاكم أن يسلّموني قيمة نصيبنا نقدا". وثالثا، "تكليف" بعض الأحزاب المعارضة، أو بعض المقالات المخصّصة في ركن بريد القراء للرد على ما يطرحه المنافس بن شملان. ورابعا، هيمنة اللون الأزرق (لون الحزب الحاكم) على كل وسائل الإعلام وخاصة التلفاز... وخامسا، محاولة كسب ولاء بعض خصومه السياسيين بمن فيهم من كان وصفهم سابقا بالإرهاب مثل الشيخ الزنداني والاعتراف بجامعة الإمام التي كانت في السابق لا يعترف بها ولا يتكفّل بتوظيف خرّجيها.البرامج الانتخابيّة بين المستقبل المنشود والفساد الموجود: انقسمت البرامج الانتخابيّة للمرشحين من حيث محتواها ومضمونها إلى قسمين رئيسيين، ففي الوقت الذي ركّز فيه الحزب الحاكم عبر وسائل الإعلام الموالية له أو الصحيفة الحزبيّة التي يشرف عليها (صحيفة المؤتمر) على المشاريع المستقبليّة الواعدة، والمستقبل التنموي الذي ينتظر الشعب اليمني، ومعالجة كل المشاكل الاجتماعيّة التي يعاني منها مثل الفقر والبطالة والأميّة و... تضمّنت البرامج الانتخابيّة للمرشح فيصل بن شملان والمرشح الإسلامي الذي يخوض الانتخابات تحت شعار "مرشح مستقل" العديد من المعطيات والأرقام المتعلّقة بالفساد والرشوة، متّهمين في ذلك الحزب الحاكم ومرشّحه عبد صالح بذلك. وفي هذا الإطار قامت العديد من الصحف الحزبيّة والمستقلّة بعرض نتائج دراسة ميدانيّة قام بها المركز اليمني لدراسات الرأي العام في خمس محافظات يمنيّة (أمانة العاصمة وعدن وتعز و الحديدة وصعدة) حول ظاهرة الرشوة في اليمن، حيث أثبت الدراسة المذكورة أنّ أعلى نسبة للرشوة نجدها في القضاء يحتل بذلك المرتبة الأولى ثم يليه جهاز الأمن ثم الجمارك والضرائب. لماذا وقع اختيار أحزاب اللقاء المشترك على فيصل بن شملان؟؟؟على الرغم من أنّ المرشح فيصل بن شملان لا ينتمي لأي حزب من الأحزاب الستة المكوّنة للقاء المشترك إلاّ أنّه حضي بإجماع من قبل الأطراف الحزبيّة المكوّنة لهذا اللقاء وذلك لسببين، يتمثل السبب الأوّل في تجنّب الخلاف والانشقاق داخل فصائل اللقاء المشترك. أمّا السبب الثاني فيتمثل في شخصيّة بن شملان ذاته، فهذا الشخص كان يحتل قبل 1996 منصب وزيرا للنفط ثم قدّم استقالته بسبب الفساد المتفشّي في الدولة وخاصة لسبب رفض مقترحه المتمثل في فصل مؤسسات الدولة عن الحزب الحاكم، كما قدّم استقالته الثانية في 2003 من مجلس النواب بسبب صدور قرار بتمديد الفترة النيابيّة من 4 سنوات إلى 6 سنوات، حيث طالب بضرورة عرض هذا الأمر على الاستفتاء الشعبي مؤكدا أنّه ليس من مشمولات مجلس النواب ليصادق على قرار يخصّ أعضاءه. الانتخابات الرئاسيّة بين الصراع السياسي والصراع القبلي:الرغم الصحوة التي عرفها المجتمع المدني اليمني وتعدّد الأحزاب السياسيّة والمنظمات الغير حكوميّة فيه، إلاّ أنّ هيمنة القبيلة لازالت متواصلة وشيوخ القبائل لازالوا يحضون بمكانة متميّزة وفاعلة في المجتمع اليمني ، لأجل ذلك راهن المتنافسون في هذه الانتخابات على كسب ولائهم بشتى الطرق. كما أن التوزيع الجغرافي والسياسي لهذه القبائل لعب دورا هاما في الحراك السياسي والمجتمعي، إذ نجد ثلاثة تجمعات قبليّة كبرى موزعة على كامل تراب اليمن، ففي الشمال نجد قبيلة حاشد التي كثيرا ما كان يراهن عليها الرئيس عبد الله صالح في انتخاباته السابقة ومن نفس القبيلة ينحدر الشيخ عبد الله ابن حسين الأحمر (رئيس التجمع اليمني للإصلاح، وممثل الجناح القبلي خاصة بعد تتويجه كشيخ للمشايخ)، ويرى بعض المحلّلين السياسيين أن هذه القبيلة خرجت من سيطرة الحزب الحاكم. ونجد في الشمال وجزء من الجنوب قبيلة بكيل، وفي الوسط نجد مذحج التي يطلق عليها البعض تسمية القبائل المدنيّة وذلك بسبب عدد الأطباء وأصحاب الشهادات العليا المنحدرة منها. كما أن التركيبة التنظيميّة "للتجمع اليمني للإصلاح" كأقوى حزب معارض وفاعل في اللقاء المشترك بنيت بدورها على أساس قبلي، إذ نجد به ثلاثة أجنحة، الجناح المتشدّد ويمثله الشيخ الزنداني رئيس مجلس الشورى في الحزب والذي وضعته الولايات المتحدة الأمريكيّة ضمن القائمة السودان وسبق وأن وصفته الحكومة اليمنيّة بالإرهابي رقم واحد (وبمناسبة الحملة الانتخابيّة حاول عبد الله صالح إجراء مصالحة معه ومع خرّجي جامعة الإمام). أمّا الجناح القبلي للحزب فيقوده كما ذكرنا الشيخ عبد الله ابن حسين الأحمر، في حين يتزعّم الجناح الوسطي أو الليبرالي كل من محمد قحطان ومحمد البدومي والشيخ القباطي. ومن بين الأحداث الانتخابيّة الدالة على قوّة وفاعليّة القبائل هو أنّ الرئيس المرشّح عبد الله صالح اضطر إلى تغيير موعد ومكان مهرجانه الانتخابه الأوّل الذي كان مزمع عقده يوم 30 أوت في منطقة عمران لأن حسين عبد الله الأحمر أخذ يجهز لمهرجان مناوئ في منطقة خارف في نفس اليوم وذكرت بعض الصحف اليمنيّة مثل صحيفة الوسط (العدد 115 ص1) أن الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر المتواجد بالمملكة السعوديّة تدخل واقترح إلغاء المهرجانين، وفعلا استجاب الطرفين للاقتراح.
إذا كانت نتيجة اللعبة الانتخابيّة كما تعوّدنا عليها في العالم العربي تسير دائما نحو إعادة إنتاج ميكانيزمات السلطة والنفوذ، وإعادة تجديد شرعيّة تسلّط الحاكم على المحكوم... فإنّ الانتخابات الرئاسيّة اليمنيّة المزمع عقدها يوم 20 سبتمبر 2006 قد تحمل بوادر تغيير محتمل من شأنه أن يجعلنا نتحدّث عن مرحلة ما قبل ومرحلة ما بعد انتخابات سبتمبر 2006، فمعاينتنا الميدانيّة للأجواء الانتخابيّة في أيمها العشر الأوائل جعلتنا نتوقّف على العديد من المؤشرات الدالة إمّا على بوادر انهيار الحزب الحاكم (حزب المؤتمر الشعبي العام) أو على الأقل إحداث تغييرات جذريّة في هيكلة الحزب وهيكلة الدولة وطريقة تعامل السلطة الحاكمة مع المواطن اليمني والقوى الفاعلة في المجتمع.. وهذا ما أكّدته بعض الأحداث السياسيّة أثناء المرحلة الأولى من الحملة الانتخابيّة اليمنيّة.الخارطة السياسيّة وقوّة المعارضة اليمنيّة: تتصارع وتتنافس داخل الساحة السياسيّة اليمنيّة 22 حزبا سياسيّا، خيّرت أغلبيتها العمل الجماعي أو العمل ضمن ما يسمى بالتجمعات الحزبيّة، وتمثل "أحزاب اللقاء المشترك" في هذه الانتخابات أهم قوّة سياسيّة داخل الساحة السياسيّة اليمنيّة، وذلك لتواجد كل من "التجمع اليمني للإصلاح" (له اتجاه إسلامي) وخصمه السياسي "الحزب الاشتراكي اليمني" إضافة "للتنظيم الوحدوي الناصري" و "حزب البعث العربي القومي" و"اتحاد القوى الشعبيّة و"حزب الحق". هذا وقد بدأ العمل المشترك ضمن "اللقاء المشترك" منذ 6 سنوات وسبق له وأن خاض تجربتين انتخابيّة كانت الأولى في سنة 2001 (انتخابات محليّة) وفي سنة 2003 (انتخابات نيابيّة) ويخوض هذه السنة تجربتين انتخابيتين (رئاسيّة ومحليّة).وفي المقابل نجد تجمّعا حزبيّا آخر على الساحة اليمنيّة أطلق على نفسه تسمية "أحزاب المعارضة الوطنيّة" أو "المجلس الوطني للمعرضة" تضم 12 حزبا سياسيّا، ولكنّ رغم ذلك ليس نفس فاعليّة وتأثير اللقاء المشترك وذلك لاقترابها من سياسة الحزب الشعبي العام الحزب الحاكم.. الشيء الذي جعل مرشّحه السيد ياسين عبده سعيد يسخّر حملاته الانتخابيّة للردّ على مرشّح اللقاء المشترك السيد فيصل بن شملان.كما اختارت ثلاثة أحزاب سياسيّة العمل الفردي على الاشتراك في هذا التجمع أو ذاك وهذه الأحزاب هي "حزب التجمع الوحدوي اليمني" وحزب رابطة أبناء اليمن" و"حزب الخضر الاجتماعي".حماس المتنافسين يطغى على الساحة السياسيّة اليمنيّة تميّزت الحملات الانتخابيّة منذ بدايتها بشكلها الحماسي والتنافسي، والاعتماد على السياسة الاستعراضيّة لكل طرف، فمنذ اليوم الأوّل للحملة قرّر ممثلو "اللقاء المشترك" عقد مهرجانهم الانتخابي في ميدان السبعين (وسط العاصمة صنعاء) إلاّ أن اللجنة العليا للانتخابات رفضت مطلبهم هذا بتعلّة عدم القرة على توفير الحماية الشخصيّة لمرشحهم فيصل بن شملان وأجبرتهم على تأجيل المهرجان إلى يوم 24 أوت عوضا عن 23 أوت واختيار الملعب الرياضي بمدينة الثورة عوضا عن ميدان السبعين (وهي منطقة بعيدة جدّا عن المناطق العمرانيّة والمناطق التجاريّة والسياحيّة)، ورغم ذلك تمكّن اللقاء المشترك في استقطاب ما يقارب الـ 100ألف مواطن يمني... الشيء الذي جعل الرئيس المرشح عبد الله صالح يؤجّل مهرجانه الانتخابي إلى يوم 30 أوت ثم يؤجله إلى يوم 31 أوت، وطيلة الأسبوع الأوّل للحملة الانتخابيّة لم يكتف حزب المؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم) بمراقبة مهرجانات المعارضة والردّ على شعاراتهم، بل حاول خوض معركته الانتخابيّة ولكن بأسلوبه و"إمكانياته الخاصة"، بعيدا عن المهرجانات الخطابيّة والاحتكاك المباشر بالمواطنين، ومن بين أهم الأساليب الدعائيّة التي اعتمد عليها الرئيس المرشّح هي: أوّلا، استعمال السيّارات الدعائيّة ومضخمات الصوت (على الرغم من أن اللجنة العليا للانتخابات منعت بشكل واضح استعمال هذا النوع من الأسلوب الدعائي). وثانيا، تكثيف المعلّقات والصور في الأماكن العامة، إذ لا تكاد تجد مكانا خال من صوره ومن شعارات الحزب الحاكم، وقد ذكر حزب المؤتمر أنّه قام بطباعة 500 مليون صورة للرئيس، بمعنى حوالي 25 صورة لكل مواطن يمني، وقد علّقت الصحفيّة رشيدة القيلي عن ذلك بقولها ".. أنّ نصيبي ونصيب زوجي وأولادي الثلاثة هو 125 صورة. أناشد قيادة الحزب الحاكم أن يسلّموني قيمة نصيبنا نقدا". وثالثا، "تكليف" بعض الأحزاب المعارضة، أو بعض المقالات المخصّصة في ركن بريد القراء للرد على ما يطرحه المنافس بن شملان. ورابعا، هيمنة اللون الأزرق (لون الحزب الحاكم) على كل وسائل الإعلام وخاصة التلفاز... وخامسا، محاولة كسب ولاء بعض خصومه السياسيين بمن فيهم من كان وصفهم سابقا بالإرهاب مثل الشيخ الزنداني والاعتراف بجامعة الإمام التي كانت في السابق لا يعترف بها ولا يتكفّل بتوظيف خرّجيها.البرامج الانتخابيّة بين المستقبل المنشود والفساد الموجود: انقسمت البرامج الانتخابيّة للمرشحين من حيث محتواها ومضمونها إلى قسمين رئيسيين، ففي الوقت الذي ركّز فيه الحزب الحاكم عبر وسائل الإعلام الموالية له أو الصحيفة الحزبيّة التي يشرف عليها (صحيفة المؤتمر) على المشاريع المستقبليّة الواعدة، والمستقبل التنموي الذي ينتظر الشعب اليمني، ومعالجة كل المشاكل الاجتماعيّة التي يعاني منها مثل الفقر والبطالة والأميّة و... تضمّنت البرامج الانتخابيّة للمرشح فيصل بن شملان والمرشح الإسلامي الذي يخوض الانتخابات تحت شعار "مرشح مستقل" العديد من المعطيات والأرقام المتعلّقة بالفساد والرشوة، متّهمين في ذلك الحزب الحاكم ومرشّحه عبد صالح بذلك. وفي هذا الإطار قامت العديد من الصحف الحزبيّة والمستقلّة بعرض نتائج دراسة ميدانيّة قام بها المركز اليمني لدراسات الرأي العام في خمس محافظات يمنيّة (أمانة العاصمة وعدن وتعز و الحديدة وصعدة) حول ظاهرة الرشوة في اليمن، حيث أثبت الدراسة المذكورة أنّ أعلى نسبة للرشوة نجدها في القضاء يحتل بذلك المرتبة الأولى ثم يليه جهاز الأمن ثم الجمارك والضرائب. لماذا وقع اختيار أحزاب اللقاء المشترك على فيصل بن شملان؟؟؟على الرغم من أنّ المرشح فيصل بن شملان لا ينتمي لأي حزب من الأحزاب الستة المكوّنة للقاء المشترك إلاّ أنّه حضي بإجماع من قبل الأطراف الحزبيّة المكوّنة لهذا اللقاء وذلك لسببين، يتمثل السبب الأوّل في تجنّب الخلاف والانشقاق داخل فصائل اللقاء المشترك. أمّا السبب الثاني فيتمثل في شخصيّة بن شملان ذاته، فهذا الشخص كان يحتل قبل 1996 منصب وزيرا للنفط ثم قدّم استقالته بسبب الفساد المتفشّي في الدولة وخاصة لسبب رفض مقترحه المتمثل في فصل مؤسسات الدولة عن الحزب الحاكم، كما قدّم استقالته الثانية في 2003 من مجلس النواب بسبب صدور قرار بتمديد الفترة النيابيّة من 4 سنوات إلى 6 سنوات، حيث طالب بضرورة عرض هذا الأمر على الاستفتاء الشعبي مؤكدا أنّه ليس من مشمولات مجلس النواب ليصادق على قرار يخصّ أعضاءه. الانتخابات الرئاسيّة بين الصراع السياسي والصراع القبلي:الرغم الصحوة التي عرفها المجتمع المدني اليمني وتعدّد الأحزاب السياسيّة والمنظمات الغير حكوميّة فيه، إلاّ أنّ هيمنة القبيلة لازالت متواصلة وشيوخ القبائل لازالوا يحضون بمكانة متميّزة وفاعلة في المجتمع اليمني ، لأجل ذلك راهن المتنافسون في هذه الانتخابات على كسب ولائهم بشتى الطرق. كما أن التوزيع الجغرافي والسياسي لهذه القبائل لعب دورا هاما في الحراك السياسي والمجتمعي، إذ نجد ثلاثة تجمعات قبليّة كبرى موزعة على كامل تراب اليمن، ففي الشمال نجد قبيلة حاشد التي كثيرا ما كان يراهن عليها الرئيس عبد الله صالح في انتخاباته السابقة ومن نفس القبيلة ينحدر الشيخ عبد الله ابن حسين الأحمر (رئيس التجمع اليمني للإصلاح، وممثل الجناح القبلي خاصة بعد تتويجه كشيخ للمشايخ)، ويرى بعض المحلّلين السياسيين أن هذه القبيلة خرجت من سيطرة الحزب الحاكم. ونجد في الشمال وجزء من الجنوب قبيلة بكيل، وفي الوسط نجد مذحج التي يطلق عليها البعض تسمية القبائل المدنيّة وذلك بسبب عدد الأطباء وأصحاب الشهادات العليا المنحدرة منها. كما أن التركيبة التنظيميّة "للتجمع اليمني للإصلاح" كأقوى حزب معارض وفاعل في اللقاء المشترك بنيت بدورها على أساس قبلي، إذ نجد به ثلاثة أجنحة، الجناح المتشدّد ويمثله الشيخ الزنداني رئيس مجلس الشورى في الحزب والذي وضعته الولايات المتحدة الأمريكيّة ضمن القائمة السودان وسبق وأن وصفته الحكومة اليمنيّة بالإرهابي رقم واحد (وبمناسبة الحملة الانتخابيّة حاول عبد الله صالح إجراء مصالحة معه ومع خرّجي جامعة الإمام). أمّا الجناح القبلي للحزب فيقوده كما ذكرنا الشيخ عبد الله ابن حسين الأحمر، في حين يتزعّم الجناح الوسطي أو الليبرالي كل من محمد قحطان ومحمد البدومي والشيخ القباطي. ومن بين الأحداث الانتخابيّة الدالة على قوّة وفاعليّة القبائل هو أنّ الرئيس المرشّح عبد الله صالح اضطر إلى تغيير موعد ومكان مهرجانه الانتخابه الأوّل الذي كان مزمع عقده يوم 30 أوت في منطقة عمران لأن حسين عبد الله الأحمر أخذ يجهز لمهرجان مناوئ في منطقة خارف في نفس اليوم وذكرت بعض الصحف اليمنيّة مثل صحيفة الوسط (العدد 115 ص1) أن الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر المتواجد بالمملكة السعوديّة تدخل واقترح إلغاء المهرجانين، وفعلا استجاب الطرفين للاقتراح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق