
اللواء الركن يحي مصلح مهدي، مناضل جسور وصوت عالي طالما هز البرلمان خلال الفترة 88- 97م، وخلال مجلس الشورى إبان الحكومة الثانية "فترة الإرياني"، تقلد العديد من المناصب السياسية، إنه رجل الدولة من الطراز الأول والمواطن البسيط والمتواضع ولكن بحس رجل الدولة الذي يرى في المساس بثوابت الجمهورية والوحدة جرما دونه تزهق الأرواح.يحسب له انه قدم استقالته أكثر من مرة في بعض المناصب التي تقلدها حين رأى أن ثمة تدخلات وإملاءات تخرم حرمة القانون المقدس في نظره وتضر بمصالح الناس.بين ثنايا هذه المسامرة نستذكر معا أياما كانت تنضح بروح الثورية والوطنية الخالصة لم تفسدها ثقافة الهبر والاحتواء السائدة اليوم عند كل المسؤلين وبلا استثناء.
- أعمل بعقلية رجل الدولة ولا يعجبني أن أكون موظفا عند أحد .- قلت للرئيس إن الدبابات التي دكت عروش الإمامة بالأمس ستدك معاقل الطغيان والاستبداد غدا، فأمروا بفصلي من مجلس الشورى.- الزيادة في أسعار المشتقات النفطية يمكن أن تغطي الزيادة في أسعار القمح .- بيننا وبين الديمقراطية 100 سنة على أحسن تقدير.- وزراء اليوم مجرد موظفين ولن اقبل أن أعود للوزارة مرة أخرى- إذا عاد علي سالم البيض للحكم فلا بد أن يعودوا بيت حميد الدين- يجب على الدولة دعم كيس القمح على أقل تقدير حفاظا على حياة الناس
- نبدأ من تكوينك العلمي والثقافي والمعرفي عموما .. كيف كانت بداياتك الأولى.* أنا من محافظة ريمة، بدأت حياتي طالبا في أربطة المراوعة العلمية بمدينة الحديدة، ماتت أمي رحمها الله، ورحل والدي على ظهره من جبال ريمه بعد أن تفشى ظلم الإمام وعامله عندنا في ريمه، درست عند علماء بيت الأهدل هناك حتى أكملت قراءه القران الكريم ومتن الزبد في الفقه ودلائل الخيرات ثم نزلنا إلى مدينة الحديدة وجلست عند الوالد محمد مكي رحمه الله الذي يعتبر من النوادر في زمانه، والتحقت بالمدرسة السيفية لتي بناها السيف عبد الله في الصديقية، انهيت الإعدادية والتحقت بالكلية الحربية عام 1957م أول دفعة والتي أسميت دفعة الشهيد محمد مطهر زيد رحمه الله.شافعي في الكلية الحربية* يشاع في ريمة بأنك أول شافعي التحق بتلك الكلية، ما صحة ذلك؟- نعم أنا أول شافعي التحقت بالكلية الحربية !!* هل كانت الكلية مقتصرة على الزيدين فقط؟- نعم العسكرية كلها كانت مقتصرة على الزيدية وسياستهم هكذا، والآن هناك تحسن.* إذن والحال هكذا لا بد أن نسال كيف التحقت بالكلية الحربية.- طلع زملائي أولاً في المدرسة التحضيرية ولم أطلع معهم وكان فيها قضاه وهاشميين، وادخلوا منهم الكلية الحربية، ذهبت للبدر فأمسكت بيده وكان يعرفني من الحديدة حين كنت أخطب بين زميلائي في المدرسة وأخطب في الاحتفالات والمناسبات التي يحضرها، وقلت له انتم قلتم لا زيدية لا شافعية، لا قحطانية، كيف ندخل الكلية الحربية، ضحك البدر وأمر بإدخالي في الكلية، ودخلت بدلا عن طالب سقط في الاختبار الصحي، استمريت فيها إلى عام 59م، ثم نزلت إلى ميناء الحديدة أعمل فيه موظفا مع بعض الضباط منهم إسماعيل الوادعي ، وهشام عنقاد وجربوش دغيش وغيرهم، وهؤلاء قد توفوا وكنت مسئولا عن لنش عمران في الميناء الذي كان مختصا بسحب البواخر وعملت على إحلال اليمنيين بدلا عن الروس، حيث كان اليمني بأخذ ثلاثين ريال وكان الروسي يأخذ ما بين 200 إلى 300 ريال فرانصي، ولم يبق إلا الكابتن وكبير المهندسين فقط، استمريت إلى يوم قيام الثورة. وبعد الثورة وتحديدا ثاني يوم من قيام الثورة طلعت صنعاء مع حمود الجايفي وسافرت في اليوم إلى حجة وهناك قدت معركة حجة .. وذهبت أساسا لمساعدة الأخوة الضباط الذين كان بينهم خلافات حادة، جاءت برقية من السيد محمد الكحلاني إلى القيادة يقول فيها أن الموقف في حجة فاشل بسبب اختلافات الضباط.* من هم هؤلاء الضباط ؟- قد ماتوا الله يرحمهم ..* هل ذهبت بموجب تكليف من القيادة ؟- نعم بتكليف من السلال وأول ما قمت أخرجت الأسلحة من المخازن ورتبت المنطقة، وسلحت الذين خرجوا من السجون ومارست العمل حتى حصل علينا الهجوم، ولم أستمر طويلا فيها وكنت برتبة ملازم ثاني وعندما عدت رقوني إلى نقيب، وكنت أول ضابط بعد الثورة رقي إلى هذا الرتبة، وكان السلال يريد مني أن ألبس رتبة عقيد فاختلفنا مع عبد الله جزيلان بهذا الخصوص، وبعدها عدت إلى صنعاء ومنها إلى صرواح وقصتها طويلة.إقالتي من مجلس الشورى* سمعنا انه تم إقالتكم من مجلس الشورى في بداية السبعينيات .. لماذا؟- آه .. كلمة قلتها صريحة، ونحن نحتفل ذات يوم بعيد 26 سبتمبر ونستعرض معا الدبابات في الميدان، قلت أن هذه الدبابات التي حطمت عروش الإمامة قبل الثورة ستحطم عروش الطغاة والمستبدين بعدها، فاتخذ المجلس الجمهوري قرارا فوريا يقضي بإبعادي من المجلس، خاصة وأني ممثل عن القوات المسلحة، وأبلغني بهذا القرار رئيس الأركان حينها حسين المسوري ووجهني بعدم الذهاب إلى المجلس، وتوقفت في بيتي، وعينوا بدلا عني العميد علي الربيدي الذي كان محافظا في الحديدة، فرفض المجلس أن يدخل الربيدي إلى قاعته بدلا عني سنة كاملة، وحينها أذكر موقفا للأخ الشيخ عمر احمد سيف العالم المشهور رحمه الله عندما كان عضوا معنا في البرلمان تكلم كلاما لم يُعجب المجلس الجمهوري فأمروا بحبسه فرفضت أنا وعارضت القرار رغم نهم جمعوا بعض التوقيعات على ذلك، ورغم الخلاف الذي كان بيني وبينة إلا أني وقفت معه وآزرته كعضو برلمان يحق له التعبير عن رأيه.* ما طبيعة الخلاف بينك وبينه؟- خلاف كان يراه هو، أخذ ذات مره السيف ولوح به أمامي وقال لي يا يحيى مصلح بيني وبينك السيف، رفع هذا وقفت معه لأن معه حق.* ماذا قال ؟- لا داعي لذلك، الناس قد ماتوا، وقد تعجب مني البعض كيف وقفت معه وأنا اختلف دوما معه، قلت لهم أختلف معه في الرأي لكني مستعد أن أموت من أجل رأيه. أخطاء السلطة* يقال أن أخطاء السلطة تراكمت وأصبحت تنذر بشر لا يمكن السيطرة عليه، ما رأيك.- أخطاء السلطة نوعان، أخطاء متعمدة وأخطاء غير متعمدة، وهناك أخطاء قابلة للإصلاح وأخطاء غير قابلة للإصلاح، نتمنى على الجميع أن يمشوا بعقولهم، الغلاء الذي يقض مضاجع الناس هناك عدة إصلاحات للقضاء عليه ومعالجته عن طريق القروض الدولية والمساعدات والهبات.البترول، أقر في البرلمان بستين دولارا والآن بسبعة وسبعين دولار، أي بفارق 17 دولارا، لماذا لا نأخذ هذا الفارق ونغطي به الزيادة في أسعار القمح، حتى نطفئ النار في المجتمع، كل حاكم في أي بلاد يسعى إلى إصلاح شعبه، ومن اجل لقمة عيش شعبه، وإنهاء البطالة، ونحن هنا حتى البحر نشتي نقبّلة (نؤجرة) على الأوروبيين وعلى الصين وعلى الهند وعلى مصر، وعتبي على الأخ وزير الثروة السمكية الذي تعرفت عليه ولا يزال طالبا يدرس وكنت حينها ضابطا وهو رجل باحث وعالم لكن أن يجري وراء العالم من أجل نهب الثروة السمكية لبلادنا ليس صحيحا.هؤلاء الناس الذين يأتون من الخارج يتعاملون في صيد الأسماك بالجرف، والجرف يخرب أماكن الاصطياد، لا يتعاملون بطريقة علمية وصحيحة، هناك أناس ساكنون بجانب البحر ولا يستطيعون أن يشتروا السمك حتى من النوع الرديء ناهيك عن الأنواع الجيدة .. يفترض على الدولة أن تكفي شعبها من هذا النوع من اللحوم ثم تصدر الفائض بعد ذلك بعد دراسة متأنية، لولا لحوم أفريقيا اليوم التي تأتينا لما وجدنا اللحوم في أسواقنا.يجب على الدولة دعم كيس القمح على أقل تقدير حفاظا على حياة الناس خاصة بعد التزايد المستمر في عدد السكان وتزايد الطلب، أنا عندما كنت وزيرا للتموين في السبعينات في حكومة الدكتور حسن محمد مكي كنا نستورد 200 ألف طن سنويا الآن يستوردون ما يقارب 3 مليون طن، أزمة الخليج لوحدها أعادت لنا ما يقارب من 2 مليون مغترب معظمهم عاطلون كان الواحد منهم ربما يكفل قرية، اليوم انتهى هذا الكلام.الطرقات بمليارات توزع هبات لأشخاص يعبثون بها، سمعت حوارا لوزير الأشغال في البرلمان لديه خمسون مهندسا في إب ومعظم طرق إب تخربت قبل افتتاحها، والبعض الآخر تخرب بعد الافتتاح بينما طريق الصين لها اليوم 55 سنة التي هي الحديدة صنعاء .. هل حاسبوا مجموعة من المهندسين؟!، داخل الأمانة كم نسمع عن سيارات وأشخاص تقع داخل بيارات، طيب.. وكيف سفلت فوقها ؟!.. أشياء غريبة، وغير مفهومة.
الجمع بين الأختين* مالذي تريد أن تصل إليه بالضبط؟- المسؤولون لا يجوز لهم أن يكونوا تجارا في كافة الأديان السماوية، المسؤول مسؤول، والتاجر تاجر ولا يجوز له الجمع بين الأختين "التجارة والمسؤولية"، أما أن يكون حاكما وتاجرا فهذا محرم في الشرع وفي القانون، ولذا فإن المسؤول في أمريكا وأوروبا وإسرائيل إذا دخل الحكومة لازم يُعرف كم رأس ماله، في أمريكا وجدوا زيادة ربحية غير مشروعة على وزير تقدر بثلاثة ألف دولار، فأقاموا في وجهة الدنيا وأقعدوها، لكن الذي عندنا سلطة، هو التاجر وهو المسؤول وهو كل شيء، لن تصلح الأحوال بهذا الحال.* ماذا لو عرض عليك وزارة التموين والتجارة بعد أن كنت وزيرا سابقا لها..- لا لا لا أقبل .* لماذا هذا الرفض الشديد!!- أنا كنت دولة، أنا لا اقبل أن أكون موظفا، لازم أكون رجل دولة، ماكان صحيحا أمام الله وأمام ضميري أعمل به، وما كان غير ذلك أتجنبه، أنا تنازلت مرتين، وأنا محافظ عندما أجد ما يصطدم وقيمي ومبادئي، مرة وأنا محافظ لمحافظة ومرة وأنا محافظ لمحافظة صعده، وزراء اليوم مجرد موظفين؟.* ماذا تقصد بان وزراء اليوم مجرد موظفين؟- نعم، موظفين، أي أنهم غير مسؤولين، المسؤول يكون صاحب قرار، يقرر هو ولا تملى عليه القرارات. * باعتبارك وزير تموين سابق .. هل ترى أن الغلاء سيستمر أم سيتراجع .- سيستمر .. وإن شاء الله لن يستمر، وعلى الدولة أن تحجر احتياجات المواطنين في مواسم الحصاد في المناطق التصدير، وإذا أرادات توزيع حصصا لأشخاص فلا مانع كما تفعل بعض الدول، ويجب على الدولة أن تتخذ إستراتيجية معينة لاستصلاح الأراضي والحد من زراعة القات .. القات أصبح قاتلا، ولم يعد قات بالسموم التي يحملها.مكافأة ملك السعودية* ماذا عن مقابلتك للملك السعودي ومكافأتك بمليون ريال سعودي إزاء موقفك من حرب الخليج؟- قابلت الملك عن طريق صديق وهو شيخ مشهور اسمه علي مديش ومن المجاورين للمناطق اليمنية، وهذا الرجل مخلص لليمن أكثر من اليمنيين، كانت الدعوة في وقت حرج بلغت فيه العلاقة أسوأ حالاتها بين البلدين، فاعتذرت أولا عن المقابلة وقلت له أنا قلت رأيي دفاعا عما أومن به، ولم تكن بيني وبينهم أي علاقة، بل كانوا واضعين علي 100 علامة استفهام لأني من أبناء الثورة والجمهورية، وعندما ذهبت جلست مع الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي عهد حاليا ثلاث ساعات من قبل المغرب إلى أذان العشاء وكان رجلا متواضعا في حديثة تكلم معي بالمفتوح في عدد من القضايا ابتداء من الملك عبد العزيز إلى صدام حسين إلى إيران إلى الجوانب التاريخية والمشتركة بيننا، ولم أكتفِ بكوني رسولا لأبناء اليمن، بل رسولا حتى لأبناء الشعب العراقي والفلسطيني والأردني وقلت له بينكم خلافات كحكام ما دخل الشعوب بخلافتكم، واستمر الحوار كما قلت ثلاث ساعات حتى أن الأمير سلطان قال بالحرف الواحد لأول مرة يأتينا يمني مثلك فقلت له : إن الذين يأتونكم ينتظرون ماذا ستعطونهم وأنا جئت أحتسب خطاي لوجه الله سبحانه وتعالى، وكنت أريد أن أتكلم في البرلمان عن الرحلة ولكنهم أطفأوا عليّ المايكروفون ومنعوني من الحديث. * لماذا أثيرت حولك شبهة العمالة للسعودية؟- لها ظروفها .. يجوز للآخرين ما لا يجوز لنا، ولا أخفيك أني حاولت ومعي الزميل محمد جباري نعمل جمعية إخاء مع أبناء الخليج وبدأنا اجتماعاتنا مع بعض أعضاء مجلس النواب عندي في البيت وحضر بعض سفراء الخليج وحاولنا أن نمسك ببعض خيوط الإخاء بيننا، لكنها انتهت ولم يكتب لها الاستمرار. شلة الحكم* مار أيك بما يسميه البعض حاليا بشلة الحكم ؟- هذا حاصل عبر التاريخ، منذ البرامكة أيام الرشيد وإلى اليوم، كل مرحلة من المراحل لها مجموعة سميها ما شئت، شلة، أنصار، جماعة ..* لكن هذا بفقد النظام المؤسسي معناه .- إلى حد ما هناك نظام مؤسسي، لا ننكر أنه لا يوجد...* سمعت بمجلس التضامن الوطني مارأيك فيه؟ - طبخة من الطبخات، سيحصدون نتاجها.* ماذا تقصد بقولك طبخة؟!- فسرها كما تريد .* إلى ماذا تعزو تصاعد الاحتجاجات الساخطة في المحافظات الجنوبية؟- والله الرئيس نفسه اعترف بأن هناك ظلما، والظلم لابد انه يُزال مهما كان مقدس، الدعوة للانفصال كلام محرم، عودة الإمامة محرم، النظام الجمهوري مقدس، الوحدة الوطنية مقدسة .. من حق إي إنسان ظلم أن ينادي بالعدل.* هؤلاء يقولون بأنهم تضرروا من الوحدة؟- بالعكس كانوا متضررين قبل الوحدة .. هناك متضررون نعالج مشاكلهم ..* والذين بالخارج ؟- هؤلاء من حقهم أن يعودوا مواطنين صالحين مثل الناس، لكن ليس من حقهم أن يعودوا للحكم، الحكم جاء لغيرهم .. أذكر أني جمعت بين المشير السلال والفريق العمري بالقاهرة أيام الحمدي رحمه الله، وقلت لهم خلاص أنتم انتهيتم .. إذا رجعتم إلى اليمن تكونوا لنا آباء، مسامير في النظام الجمهوري لكن تفكروا تحكموا، هذا لا يمكن يحصل, وجمعتهم في الدقي وفي شقة اللواء عبد الله الضبي ، واجتمعوا وتعانقوا حتى بكوا، فعدت وقال لي الحمدي (مازحا) أنا أرسلتك في وفد لمهمة أم أرسلتك تعمل مصالحة، قلت له والله هؤلاء إخوة مهما أصابوا أو أخطأوا، من حقهم أن يعيشوا مواطنين صالحين ، ومن حقهم أن يعودوا.رموز انفصال 94م* هل ترى أن رموز انفصال 94م لاحق لهم في الحكم إذا عادوا؟ - لا لا.. "لاحق لهم" انتهى الموضوع من حقهم أن يعيشوا كأي مواطنين لاسيما علي سالم البيض هذا الرجل له دور كبير في الوحدة أخطأ في الأخير، هناك مسببات للطرفين ولازم نقول الحقيقة .. إذا عاد للحكم يعودوا بيت حميد الدين، هذا لا يكون.* اللقاء المشترك .. كيف تنظر إلى مستقبلة ؟ - أقول لهم رحمة بالشعب اليمني، لا تحاولوا أن تصوروا كل شيء أسود، هناك ديمقراطية .. ستحكمونه إذا كتب الله لكلم.* كيف تقرأ الانتخابات البرلمانية القادمة 2009م؟- إن شاء الله تكون أحسن من الأولى، أما الديمقراطية الحقيقية بيننا وبينها 100 سنة على أحسن تقدير.
- أعمل بعقلية رجل الدولة ولا يعجبني أن أكون موظفا عند أحد .- قلت للرئيس إن الدبابات التي دكت عروش الإمامة بالأمس ستدك معاقل الطغيان والاستبداد غدا، فأمروا بفصلي من مجلس الشورى.- الزيادة في أسعار المشتقات النفطية يمكن أن تغطي الزيادة في أسعار القمح .- بيننا وبين الديمقراطية 100 سنة على أحسن تقدير.- وزراء اليوم مجرد موظفين ولن اقبل أن أعود للوزارة مرة أخرى- إذا عاد علي سالم البيض للحكم فلا بد أن يعودوا بيت حميد الدين- يجب على الدولة دعم كيس القمح على أقل تقدير حفاظا على حياة الناس
- نبدأ من تكوينك العلمي والثقافي والمعرفي عموما .. كيف كانت بداياتك الأولى.* أنا من محافظة ريمة، بدأت حياتي طالبا في أربطة المراوعة العلمية بمدينة الحديدة، ماتت أمي رحمها الله، ورحل والدي على ظهره من جبال ريمه بعد أن تفشى ظلم الإمام وعامله عندنا في ريمه، درست عند علماء بيت الأهدل هناك حتى أكملت قراءه القران الكريم ومتن الزبد في الفقه ودلائل الخيرات ثم نزلنا إلى مدينة الحديدة وجلست عند الوالد محمد مكي رحمه الله الذي يعتبر من النوادر في زمانه، والتحقت بالمدرسة السيفية لتي بناها السيف عبد الله في الصديقية، انهيت الإعدادية والتحقت بالكلية الحربية عام 1957م أول دفعة والتي أسميت دفعة الشهيد محمد مطهر زيد رحمه الله.شافعي في الكلية الحربية* يشاع في ريمة بأنك أول شافعي التحق بتلك الكلية، ما صحة ذلك؟- نعم أنا أول شافعي التحقت بالكلية الحربية !!* هل كانت الكلية مقتصرة على الزيدين فقط؟- نعم العسكرية كلها كانت مقتصرة على الزيدية وسياستهم هكذا، والآن هناك تحسن.* إذن والحال هكذا لا بد أن نسال كيف التحقت بالكلية الحربية.- طلع زملائي أولاً في المدرسة التحضيرية ولم أطلع معهم وكان فيها قضاه وهاشميين، وادخلوا منهم الكلية الحربية، ذهبت للبدر فأمسكت بيده وكان يعرفني من الحديدة حين كنت أخطب بين زميلائي في المدرسة وأخطب في الاحتفالات والمناسبات التي يحضرها، وقلت له انتم قلتم لا زيدية لا شافعية، لا قحطانية، كيف ندخل الكلية الحربية، ضحك البدر وأمر بإدخالي في الكلية، ودخلت بدلا عن طالب سقط في الاختبار الصحي، استمريت فيها إلى عام 59م، ثم نزلت إلى ميناء الحديدة أعمل فيه موظفا مع بعض الضباط منهم إسماعيل الوادعي ، وهشام عنقاد وجربوش دغيش وغيرهم، وهؤلاء قد توفوا وكنت مسئولا عن لنش عمران في الميناء الذي كان مختصا بسحب البواخر وعملت على إحلال اليمنيين بدلا عن الروس، حيث كان اليمني بأخذ ثلاثين ريال وكان الروسي يأخذ ما بين 200 إلى 300 ريال فرانصي، ولم يبق إلا الكابتن وكبير المهندسين فقط، استمريت إلى يوم قيام الثورة. وبعد الثورة وتحديدا ثاني يوم من قيام الثورة طلعت صنعاء مع حمود الجايفي وسافرت في اليوم إلى حجة وهناك قدت معركة حجة .. وذهبت أساسا لمساعدة الأخوة الضباط الذين كان بينهم خلافات حادة، جاءت برقية من السيد محمد الكحلاني إلى القيادة يقول فيها أن الموقف في حجة فاشل بسبب اختلافات الضباط.* من هم هؤلاء الضباط ؟- قد ماتوا الله يرحمهم ..* هل ذهبت بموجب تكليف من القيادة ؟- نعم بتكليف من السلال وأول ما قمت أخرجت الأسلحة من المخازن ورتبت المنطقة، وسلحت الذين خرجوا من السجون ومارست العمل حتى حصل علينا الهجوم، ولم أستمر طويلا فيها وكنت برتبة ملازم ثاني وعندما عدت رقوني إلى نقيب، وكنت أول ضابط بعد الثورة رقي إلى هذا الرتبة، وكان السلال يريد مني أن ألبس رتبة عقيد فاختلفنا مع عبد الله جزيلان بهذا الخصوص، وبعدها عدت إلى صنعاء ومنها إلى صرواح وقصتها طويلة.إقالتي من مجلس الشورى* سمعنا انه تم إقالتكم من مجلس الشورى في بداية السبعينيات .. لماذا؟- آه .. كلمة قلتها صريحة، ونحن نحتفل ذات يوم بعيد 26 سبتمبر ونستعرض معا الدبابات في الميدان، قلت أن هذه الدبابات التي حطمت عروش الإمامة قبل الثورة ستحطم عروش الطغاة والمستبدين بعدها، فاتخذ المجلس الجمهوري قرارا فوريا يقضي بإبعادي من المجلس، خاصة وأني ممثل عن القوات المسلحة، وأبلغني بهذا القرار رئيس الأركان حينها حسين المسوري ووجهني بعدم الذهاب إلى المجلس، وتوقفت في بيتي، وعينوا بدلا عني العميد علي الربيدي الذي كان محافظا في الحديدة، فرفض المجلس أن يدخل الربيدي إلى قاعته بدلا عني سنة كاملة، وحينها أذكر موقفا للأخ الشيخ عمر احمد سيف العالم المشهور رحمه الله عندما كان عضوا معنا في البرلمان تكلم كلاما لم يُعجب المجلس الجمهوري فأمروا بحبسه فرفضت أنا وعارضت القرار رغم نهم جمعوا بعض التوقيعات على ذلك، ورغم الخلاف الذي كان بيني وبينة إلا أني وقفت معه وآزرته كعضو برلمان يحق له التعبير عن رأيه.* ما طبيعة الخلاف بينك وبينه؟- خلاف كان يراه هو، أخذ ذات مره السيف ولوح به أمامي وقال لي يا يحيى مصلح بيني وبينك السيف، رفع هذا وقفت معه لأن معه حق.* ماذا قال ؟- لا داعي لذلك، الناس قد ماتوا، وقد تعجب مني البعض كيف وقفت معه وأنا اختلف دوما معه، قلت لهم أختلف معه في الرأي لكني مستعد أن أموت من أجل رأيه. أخطاء السلطة* يقال أن أخطاء السلطة تراكمت وأصبحت تنذر بشر لا يمكن السيطرة عليه، ما رأيك.- أخطاء السلطة نوعان، أخطاء متعمدة وأخطاء غير متعمدة، وهناك أخطاء قابلة للإصلاح وأخطاء غير قابلة للإصلاح، نتمنى على الجميع أن يمشوا بعقولهم، الغلاء الذي يقض مضاجع الناس هناك عدة إصلاحات للقضاء عليه ومعالجته عن طريق القروض الدولية والمساعدات والهبات.البترول، أقر في البرلمان بستين دولارا والآن بسبعة وسبعين دولار، أي بفارق 17 دولارا، لماذا لا نأخذ هذا الفارق ونغطي به الزيادة في أسعار القمح، حتى نطفئ النار في المجتمع، كل حاكم في أي بلاد يسعى إلى إصلاح شعبه، ومن اجل لقمة عيش شعبه، وإنهاء البطالة، ونحن هنا حتى البحر نشتي نقبّلة (نؤجرة) على الأوروبيين وعلى الصين وعلى الهند وعلى مصر، وعتبي على الأخ وزير الثروة السمكية الذي تعرفت عليه ولا يزال طالبا يدرس وكنت حينها ضابطا وهو رجل باحث وعالم لكن أن يجري وراء العالم من أجل نهب الثروة السمكية لبلادنا ليس صحيحا.هؤلاء الناس الذين يأتون من الخارج يتعاملون في صيد الأسماك بالجرف، والجرف يخرب أماكن الاصطياد، لا يتعاملون بطريقة علمية وصحيحة، هناك أناس ساكنون بجانب البحر ولا يستطيعون أن يشتروا السمك حتى من النوع الرديء ناهيك عن الأنواع الجيدة .. يفترض على الدولة أن تكفي شعبها من هذا النوع من اللحوم ثم تصدر الفائض بعد ذلك بعد دراسة متأنية، لولا لحوم أفريقيا اليوم التي تأتينا لما وجدنا اللحوم في أسواقنا.يجب على الدولة دعم كيس القمح على أقل تقدير حفاظا على حياة الناس خاصة بعد التزايد المستمر في عدد السكان وتزايد الطلب، أنا عندما كنت وزيرا للتموين في السبعينات في حكومة الدكتور حسن محمد مكي كنا نستورد 200 ألف طن سنويا الآن يستوردون ما يقارب 3 مليون طن، أزمة الخليج لوحدها أعادت لنا ما يقارب من 2 مليون مغترب معظمهم عاطلون كان الواحد منهم ربما يكفل قرية، اليوم انتهى هذا الكلام.الطرقات بمليارات توزع هبات لأشخاص يعبثون بها، سمعت حوارا لوزير الأشغال في البرلمان لديه خمسون مهندسا في إب ومعظم طرق إب تخربت قبل افتتاحها، والبعض الآخر تخرب بعد الافتتاح بينما طريق الصين لها اليوم 55 سنة التي هي الحديدة صنعاء .. هل حاسبوا مجموعة من المهندسين؟!، داخل الأمانة كم نسمع عن سيارات وأشخاص تقع داخل بيارات، طيب.. وكيف سفلت فوقها ؟!.. أشياء غريبة، وغير مفهومة.
الجمع بين الأختين* مالذي تريد أن تصل إليه بالضبط؟- المسؤولون لا يجوز لهم أن يكونوا تجارا في كافة الأديان السماوية، المسؤول مسؤول، والتاجر تاجر ولا يجوز له الجمع بين الأختين "التجارة والمسؤولية"، أما أن يكون حاكما وتاجرا فهذا محرم في الشرع وفي القانون، ولذا فإن المسؤول في أمريكا وأوروبا وإسرائيل إذا دخل الحكومة لازم يُعرف كم رأس ماله، في أمريكا وجدوا زيادة ربحية غير مشروعة على وزير تقدر بثلاثة ألف دولار، فأقاموا في وجهة الدنيا وأقعدوها، لكن الذي عندنا سلطة، هو التاجر وهو المسؤول وهو كل شيء، لن تصلح الأحوال بهذا الحال.* ماذا لو عرض عليك وزارة التموين والتجارة بعد أن كنت وزيرا سابقا لها..- لا لا لا أقبل .* لماذا هذا الرفض الشديد!!- أنا كنت دولة، أنا لا اقبل أن أكون موظفا، لازم أكون رجل دولة، ماكان صحيحا أمام الله وأمام ضميري أعمل به، وما كان غير ذلك أتجنبه، أنا تنازلت مرتين، وأنا محافظ عندما أجد ما يصطدم وقيمي ومبادئي، مرة وأنا محافظ لمحافظة ومرة وأنا محافظ لمحافظة صعده، وزراء اليوم مجرد موظفين؟.* ماذا تقصد بان وزراء اليوم مجرد موظفين؟- نعم، موظفين، أي أنهم غير مسؤولين، المسؤول يكون صاحب قرار، يقرر هو ولا تملى عليه القرارات. * باعتبارك وزير تموين سابق .. هل ترى أن الغلاء سيستمر أم سيتراجع .- سيستمر .. وإن شاء الله لن يستمر، وعلى الدولة أن تحجر احتياجات المواطنين في مواسم الحصاد في المناطق التصدير، وإذا أرادات توزيع حصصا لأشخاص فلا مانع كما تفعل بعض الدول، ويجب على الدولة أن تتخذ إستراتيجية معينة لاستصلاح الأراضي والحد من زراعة القات .. القات أصبح قاتلا، ولم يعد قات بالسموم التي يحملها.مكافأة ملك السعودية* ماذا عن مقابلتك للملك السعودي ومكافأتك بمليون ريال سعودي إزاء موقفك من حرب الخليج؟- قابلت الملك عن طريق صديق وهو شيخ مشهور اسمه علي مديش ومن المجاورين للمناطق اليمنية، وهذا الرجل مخلص لليمن أكثر من اليمنيين، كانت الدعوة في وقت حرج بلغت فيه العلاقة أسوأ حالاتها بين البلدين، فاعتذرت أولا عن المقابلة وقلت له أنا قلت رأيي دفاعا عما أومن به، ولم تكن بيني وبينهم أي علاقة، بل كانوا واضعين علي 100 علامة استفهام لأني من أبناء الثورة والجمهورية، وعندما ذهبت جلست مع الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي عهد حاليا ثلاث ساعات من قبل المغرب إلى أذان العشاء وكان رجلا متواضعا في حديثة تكلم معي بالمفتوح في عدد من القضايا ابتداء من الملك عبد العزيز إلى صدام حسين إلى إيران إلى الجوانب التاريخية والمشتركة بيننا، ولم أكتفِ بكوني رسولا لأبناء اليمن، بل رسولا حتى لأبناء الشعب العراقي والفلسطيني والأردني وقلت له بينكم خلافات كحكام ما دخل الشعوب بخلافتكم، واستمر الحوار كما قلت ثلاث ساعات حتى أن الأمير سلطان قال بالحرف الواحد لأول مرة يأتينا يمني مثلك فقلت له : إن الذين يأتونكم ينتظرون ماذا ستعطونهم وأنا جئت أحتسب خطاي لوجه الله سبحانه وتعالى، وكنت أريد أن أتكلم في البرلمان عن الرحلة ولكنهم أطفأوا عليّ المايكروفون ومنعوني من الحديث. * لماذا أثيرت حولك شبهة العمالة للسعودية؟- لها ظروفها .. يجوز للآخرين ما لا يجوز لنا، ولا أخفيك أني حاولت ومعي الزميل محمد جباري نعمل جمعية إخاء مع أبناء الخليج وبدأنا اجتماعاتنا مع بعض أعضاء مجلس النواب عندي في البيت وحضر بعض سفراء الخليج وحاولنا أن نمسك ببعض خيوط الإخاء بيننا، لكنها انتهت ولم يكتب لها الاستمرار. شلة الحكم* مار أيك بما يسميه البعض حاليا بشلة الحكم ؟- هذا حاصل عبر التاريخ، منذ البرامكة أيام الرشيد وإلى اليوم، كل مرحلة من المراحل لها مجموعة سميها ما شئت، شلة، أنصار، جماعة ..* لكن هذا بفقد النظام المؤسسي معناه .- إلى حد ما هناك نظام مؤسسي، لا ننكر أنه لا يوجد...* سمعت بمجلس التضامن الوطني مارأيك فيه؟ - طبخة من الطبخات، سيحصدون نتاجها.* ماذا تقصد بقولك طبخة؟!- فسرها كما تريد .* إلى ماذا تعزو تصاعد الاحتجاجات الساخطة في المحافظات الجنوبية؟- والله الرئيس نفسه اعترف بأن هناك ظلما، والظلم لابد انه يُزال مهما كان مقدس، الدعوة للانفصال كلام محرم، عودة الإمامة محرم، النظام الجمهوري مقدس، الوحدة الوطنية مقدسة .. من حق إي إنسان ظلم أن ينادي بالعدل.* هؤلاء يقولون بأنهم تضرروا من الوحدة؟- بالعكس كانوا متضررين قبل الوحدة .. هناك متضررون نعالج مشاكلهم ..* والذين بالخارج ؟- هؤلاء من حقهم أن يعودوا مواطنين صالحين مثل الناس، لكن ليس من حقهم أن يعودوا للحكم، الحكم جاء لغيرهم .. أذكر أني جمعت بين المشير السلال والفريق العمري بالقاهرة أيام الحمدي رحمه الله، وقلت لهم خلاص أنتم انتهيتم .. إذا رجعتم إلى اليمن تكونوا لنا آباء، مسامير في النظام الجمهوري لكن تفكروا تحكموا، هذا لا يمكن يحصل, وجمعتهم في الدقي وفي شقة اللواء عبد الله الضبي ، واجتمعوا وتعانقوا حتى بكوا، فعدت وقال لي الحمدي (مازحا) أنا أرسلتك في وفد لمهمة أم أرسلتك تعمل مصالحة، قلت له والله هؤلاء إخوة مهما أصابوا أو أخطأوا، من حقهم أن يعيشوا مواطنين صالحين ، ومن حقهم أن يعودوا.رموز انفصال 94م* هل ترى أن رموز انفصال 94م لاحق لهم في الحكم إذا عادوا؟ - لا لا.. "لاحق لهم" انتهى الموضوع من حقهم أن يعيشوا كأي مواطنين لاسيما علي سالم البيض هذا الرجل له دور كبير في الوحدة أخطأ في الأخير، هناك مسببات للطرفين ولازم نقول الحقيقة .. إذا عاد للحكم يعودوا بيت حميد الدين، هذا لا يكون.* اللقاء المشترك .. كيف تنظر إلى مستقبلة ؟ - أقول لهم رحمة بالشعب اليمني، لا تحاولوا أن تصوروا كل شيء أسود، هناك ديمقراطية .. ستحكمونه إذا كتب الله لكلم.* كيف تقرأ الانتخابات البرلمانية القادمة 2009م؟- إن شاء الله تكون أحسن من الأولى، أما الديمقراطية الحقيقية بيننا وبينها 100 سنة على أحسن تقدير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق