الخميس، 13 أغسطس 2009

ما لم يقله الشيخ حميد الأحمر

أحمد عثمان

لم يقل الشيخ حميد الأحمر في مقابلته على قناة الجزيرة كلاماً جديداً، وكل ما قاله معروف في الواقع ويردده اليمنيون على اختلاف مشاربهم، سلطة ومعارضة، مقربين وقيادات في الحزب الحاكم، فكأس الوطن اليوم قد فاضت وهو بحاجة لحلول بعيداً عن شتائم افتتاحية الثورة والعمل من أجل الفوضى "كبديل".
قبل أيام تحدث العميد يحيى محمد عبدالله صالح، ابن أخ الرئيس وقائد الأمن المركزي، عن استغرابه من توجيهات عليا تأمر بالانسحاب كلما اقترب الجيش من الحسم في صعدة. وهذا ما يؤكده جنود وقادة عسكريون. وكلام العميد في هذه القضية أكثر تحديداً وإثارة من كلام الشيخ. أو عليكم فك الطلاسم.
في اليوم التالي لمقابلة الأحمر خرج القيادي المؤتمري عبدالسلام العنسي ليقول كلاماً أشبه بالتلخيص الموجز لكلام الأحمر عندما أرجع استفحال الأزمات إلى الاستحواذ على الكعكة "كلها" والحل يأتي بإشراك الجميع فيها بأسلوب العنسي، واحد يأخذ جزء من الكعكة، يأخذ الجزء الأكبر، أما كلها فهذا يولد أزمات والزمن تغير.
ويبدو أن الرئيس أصبح عاجزاً عن تقسيم الكعكة "الأصلية" حتى لمن يؤمنون بنظام "الكعكة"، وقد حرم منها كثيراً من شركاء النظام وبعض مقربيه لأن الأبناء كبرت وبالكاد تكفيهم "الكعكة"، وهذا الجزء المهم في الأزمة أدى إلى تبرم الناس وتخوفهم من عودة التوريث والنظام الأسري بدماء الثورة والوحدة والجمهورية. فاليمن لا تقبل القسمة والانفصال، ولا تقبل الحكم الأسري تحت أي غطاء، وهذه حقيقة لا يدركها البعض رغم سيل الدماء الطاهرة لأجل الجمهورية والوحدة. وهنا تحديداً كان المناضل الجسور صخر الوجيه قد سبق الشيخ الأحمر بأيام عندما دعا من تحت قبة البرلمان إلى عزل أبناء الرئيس من مواقعهم. القضية لا تتعلق بأبناء الرئيس بل بالنظام الجمهوري. ولم يزد الشيخ الأحمر هنا على أن قال إن الرئيس قد ارتكب مخالفة دستورية بتولية أبنائه قيادة الجيش. ومع تحفظنا على كلمة "خيانة عظمى" التي تحمل بعضاً من القسوة فإن كل ما تحدث به الشيخ حميد الأحمر في مقابلته لم يجانب الصواب ووافق الواقع والشعب اليمني.
والشيء الذي لم يقله الشيخ حميد هو أن الأبناء اليوم أصبحوا عائقاً، بل ومشكلة للرئيس نفسه، لأن وجودهم يقلل من الخيارات لديه، وأي حل لا بد أن يضع فيه تمكينهم وأن يأتي على مقاسهم وهذه معضلة تهدد الوطن وتتعب الرئيس. وليت الأبناء الأعزاء يتقدمون بمبادرة ذاتية تاريخية ويعملوا من مواقعهم لحل هذه المعضلة من أجل الوطن ومساعدة للرئيس ويساهموا في ترسيخ النظام الجمهوري وبناء مؤسسات الوطن -وفي المقدمة الجيش- على أساس الكفاءة والمواطنة المتساوية، ليتسنى لهم حفظ منجزات اليمن، وفي المقدمة منجزات والدهم الرئيس ومعاودة نشاطهم السياسي دون مّن من أحد خارج إرادة الأمر الواقع و"الصميل" المفروضة والتي ربما يخسر بها اليمنيون اليمن ووحدته واستقراره.
كلام حميد الأحمر عن القضية الجنوبية والاشتراكي والجنوبيين كان كلاماً عميقاً ومسؤولاً وفيه حرص على الوحدة، وننتظر من زعماء مثل علي ناصر والعطاس والخبجي وحتى علي سالم والفضلي أن يتعاملوا مع مثل هذه الأحاديث والمواقف بإيجابية تفرح اليمنيين.
أما حديث الشيخ عن القبيلة والاستقواء بها تحديداً بنظري لم يكن سوى رسالة خاصة جداً لحاشد وصادق والرئيس رداً على سؤال وتقرير واقع كرَّس بصور منهجية وعلى حميد أن يسعى مع الجميع لتغييره وتطويره نحو المدنية وبناء يمن حضاري يحترم الدستور والقانون والمواطنة المتساوية وهذه ليست مشكلة حميد وحده.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق