السبت، 15 أغسطس 2009

صحة الرئيس لا تعنينا!


السبت , 8 أغسطس 2009 م

خالد الهروجيثلاثة أسابيع تقريباً والصحف الرسمية توافينا يومياً بأسماء المواطنين الذين يتصلون للاطمئنان على صحة الأخ رئيس الجمهورية إثر "الرضوض" التي أصيب بها وهو يمارس رياضته المعتادة، وفق ما جاء في الأخبار التي لم تذكر المزيد من التفاصيل حول كيفية الإصابة وطبيعة الرضوض وحجمها، ونوع الرياضة. ولهذا فجماهير المتصلين كانوا معذورين، ووفقاً لما قالته الدكتورة رؤوفة حسن في يوميات الثورة السبت قبل الماضي، فقد أصابهم الإعلان الرئاسي بدخول الرئيس مستشفى العرضي – الذي لم نسمع به من قبل- لتلقي العلاج بالفجيعة، وعاشوا لحظات حرجة من الترقب والقلق على صحة فخامته.حالة القلق الشعبي هذه دفعت الرئاسة إلى المبادرة بطمأنة الجماهير المتعطشة لسماع الأخبار المتعلقة بصحة رئيسهم، وأنه تماثل للشفاء وخرج من المستشفى بعد ثلاثة أيام فقط، غير أن الأخبار الرسمية لم تكن كافية لتبدد مشاعر الخوف التي تملكتهم، فقاموا بإجراء الاتصالات المباشرة بدار الرئاسة حتى تطمئن قلوبهم على صحة الرئيس.عموماً لا مشكلة في كل ما سبق، لأن الرئيس مثل أي مواطن يكون عرضة للإصابة والمرض، وأمر طبيعي أن يتلقى الاتصالات من نظرائه وأصدقائه في العالم، ومن مواطنيه في الداخل للاطمئنان على صحته، إلا أن التعامل الإعلامي الرسمي مع هذه الحادثة يشعرنا بأنها كانت مفتعلة، ولم تكن طبيعية.فالرئيس سبق وأن ألم به المرض أكثر من مرة، وكان ينقل للعلاج خارج اليمن، ومع ذلك لم تكن الرئاسة تعلن مرضه، كما لم تكن تعلن عن أرقام الهواتف التي يمكن للناس الاتصال بها للاطمئنان عليه، في حين أن ما تعرض له هذه المرة - في حال سلمنا بصحة الواقعة- حادث بسيط ولا يستدعي كل هذا التفاعل السمج.كما أن الحرص على نشر أسماء المتصلين يومياً، يعكس الهدف الحقيقي من هذه الحادثة، وهو هدف غبي جداً، يشي بفشل صناع السياسة العليا المتعلقة بمؤسسة الرئاسة، لأن بضع مئات أو حتى آلاف المتصلين، لا تمثل دليلاً لعلاقة طيبة بين الحاكم والمحكوم، كما ليست مؤشراً على حبه في نفوس الجماهير، والتفافها حوله.وفي المقابل، فهذه الاتصالات تظهر هشاشة السلطة العليا، واهتزاز ثقتها، وبالتالي تخبطها ولجوئها لوسائل مكشوفة وغير ذات جدوى، وقبل كل هذا تراجع شعبيتها، لأنه من غير المعقول أن تكون شعبية الرئيس كبيرة، وكل الجماهير تكن له الحب والوفاء، وعندما يلم به المرض لا يتلقى إلا عدداً محدوداً من الاتصالات، رغم كل التسهيلات، وتخصيص أرقام رئاسية لاستقبال الاتصالات ونشر أسماء المتصلين كحافز لتشجيع المزيد من الناس.أجزم أن الرئيس كان يحظى بحب وثقة أغلبية اليمنيين، غير أن ما يعانيه الناس في سنوات حكمه الأخيرة، انتزع هذا الحب من نفوسهم، ولم يعد في أذهانهم المكتظة بالألم والإحباط والخوف واليأس، متسع للتفكير بصحتك، أو الخوف على حياتك.سيدي الرئيس: يشعر الناس أنك انصرفت بهمومك عن هموم شعبك فانصرف عنك، وعندما يلمس حبك له سيبادلك الحب، ويضحي من أجلك، بل ويقدم مصلحتك وحياتك على مصلحته وحياته، فجرب وسترى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق