الأربعاء, 12 أغسطس 2009 21:49 علي ربيع *
حين قامت الثورة على الإمام والاستعمار، كان يفترض بها أن تكون ثورة كما أرادتها أحلام وتطلعات اليمنيين، أحلام الجيل التنويري الذي أفاق على مسخ جديد لسلطة التخلف يتحدث باسم الثورة وينتسب إليها مستنداً إلى ما بقي من شعاراتها وروح أحلامها الوردية، مسخ جديد يعدّ نفسه الابن الشرعي للثورة، في حين أن الثورة السبتمبرية الأكتوبرية بريئة منه ولا تمت له بطرف، ولم تكن اليمن وحدها هي التي شربت من مستنقع هذا الوهم الثوري، بل كانت كذلك كل الثورات العربية التي لم نعد اليوم ندري لماذا ثارت، بل ويبلغ الحال ببعضها أن يقول ليتها لم تثر، ليتها لم تثر!!. *ولا أعتقد اليوم أننا سنراهن على أي تغيير ثوري أو غير ثوري تقوده تلك القوى نفسها التي أجهضت حلم الثورة اليمنية، وحولتها من ثورة بحجم آمال اليمنيين إلى مشروع صغير يخدم مصالحها ويتيح لها الحصول على المغانم ذاتها التي كانت تحصل عليها سلطة ما قبل الثورة ولكن ليس باسم الحق السلالي الديني، بل باسم الحق القبلي الثوري!. *لذلك لن نستبشر –أنا على الأقل- بالمشروع النظري الثوري أو الانقلابي الذي يقوده اليوم أو يدعو إليه حميد الأحمر، وليعذرني هو أو غيره في عدم إثبات صفة الشيخ قبل اسمه لأني كافر حد اليقين بسلطة القبيلة ونفوذ الشيخ، لأنها السلطة ذاتها التي اختطفت حلم الثورة اليمنية وأسست بنيانها على أنقاضه ودمه ودمعه، لأنها السلطة ذاتها التي هادنتها الدولة لتعقد معها حلفاً يضمن لها أن تكون هي والدولة صنوين، أو بلغة المتصوفة، هي الدولة والدولة هي. *فحميد الأحمر عضو مجلس نواب لأنه شيخ وابن شيخ ومن قبيلة حاشد، وهو رجل أعمال ونافذ وصاحب فرص كثيرة استثمارية وتجارية لأنه الشيخ بن الشيخ شقيق المشائخ، وكذلك الحال مع بقية شيوخ اليمن الأجلاء، هذه المنظومة السلطوية المشيخية القبلية هي التي فتقت ذهن الحاكم ليهتدي بسنتها في ابتكار سلطته الموازية، ومن خلال تحويل الحزب والدولة إلى قبيلة هو شيخها الأبدي وهو ما يخوله أن يورّث هذه القبيلة وقبل ذلك أن يوزع خيرها على أقاربه وأحبائه وحلفائه، لا فرق إذن بين الرئيس وبين الشيخ، هما وجهان لعملة واحدة لسلطة واحدة، لعقلية واحدة، لامتداد واحد خطف الثورة وخطف المشروع الحداثي اليمني ولا يمكن أن يقوم في أي ثورة مستقبلية بغير ذلك، لأن فاقد الشيء لا يعطيه. *وأرجو أن يفهم أخي اليمني المواطن حميد الأحمر كلامي بعيداً عن شخصه لذاته، فأنا أتحدث عن بنية ثقافية أفرزت تركيبة اجتماعية تتحكم فيها قوى متخلفة أنانية وجامدة ولا يعني لها الإنسان ولا الحرية ولا العدالة أي شيء قبل ذاتها ومصالحها وبقائها، وأنا من صميم قلبي أشكره على موقفه وشجاعته وصراحته واعترافه بغياب الدولة وعجزها وتسلطها وفسادها ودعوته إلى التغيير، لكن ألم يكن يدرك الرجل أنه يدين دولته هو ونظامه وسلطته وقبيلته في الوقت نفسه الذي يدين فيه الرئيس والنظام والسلطة!. *إن القوى التي قامت بالثورة اليمنية في معظمها كانت جزءاً من نظام الإمامة الذي ثارت عليه، كانت موالية له لأنها صنيعته وظيفياً أو تعليمياً، أو لأنها حليفته، أو قريبته سلالياً، والقبيلة نفسها بما في ذلك قبيلة حاشد هي ذاتها التي أجهزت على ثورة أو انقلاب 1948 لأنها مع الإمام، وهي ذاتها التي خذلت ثورة سبتمبر ثم آزرتها بعد ذلك لتكون هي وريثة الإمام، هي التي أقامت الجمهورية وأقعدتها وهي التي قتلت الحمدي حين جفاها وتمرد على إمامتها، وهي التي أقرت علي عبدالله صالح وحالفته في حربه وسلمه لأنه مالأها واعترف بمشروعية شراكتها، ورويداً رويداً استدرجته لتصبح هي السلطة وهي الدولة وهي النظام، واستدرجها هو ليصبح شيخ مشائخ اليمن، جناحاه حاشد وبكيل وريشه بقية مشائخ المؤتمر الشعبي العام، وهو ما يعني أن مؤسسة القبيلة سرقت أيضاً حلم اليمنيين في علي عبدالله صالح، وهي كذلك التي تريد اليوم أن تقوض بنيان ملكه، إما لأنها استضعفته، وإما أنها شعرت أنه يحاول أن يكون قوياً بغيرها، لهذا جن جنونها، وعقدت العزم لإسقاطه كما عبر عن ذلك صراحة صراحاً حميد الأحمر في لقائه مع الجزيرة. *قد يكون اليمنيون بحاجة إلى ثورة حقيقية، لكن هل يثق اليمنيون في أن يكون حميد الأحمر هو قائدها؟ حميد وإخوته وأبوهم –رحمه الله- من قبلهم، شركاء السلطة وحلفاؤها، بل الوجه الحقيقي لنظام علي عبدالله صالح، هل سنثق بثورة النظام على النظام، هل لدى حميد الأحمر فعلاً مشروع مدني لدولة يمنية مدنية؟ ربما نحن نظلم الرجل وهو بحق يشعر بمعاناة اليمنيين وفساد النظام والدولة وضرورة التغيير، قد يكون صادقاً ومخلصاً وإن كان جزءاً من هذا النظام الذي لا ذنب له فيه سوى أنه وجد نفسه بالوراثة جزءاً منه وواحداً من أركانه، هل يغامر اليمنيون ويحملون الأمر على حسن النية ويتبعون حميداً في ثورته أو دعوته، هل هناك ضمانات للشعب لئلا يكون القادم هو نفس القائم أو أسوأ منه، هل حقاً يؤمن حميد الأحمر وهو الشيخ بن الشيخ وأخو المشائخ بمشروع مدني لدولة يمنية يقوم على أنقاض القبيلة ويستلهم روح المجتمع المدني الحديث ولو كرهت حاشد أو رفضت بكيل؟ لقد قال إن أخاه صادق الأحمر وشيخه في الوقت ذاته وقبيلته حاشد هي التي تحميه من السلطة والمساءلة وتمنحه الاطمئنان ليقول ما يقوله عن علي عبدالله صالح، شيخه وقبيلته من تمنحه الجرأة والحرية والشجاعة وليست ديمقراطية النظام اليمني، قد أصدقه أنا أو غيري في ذلك، لكن من سيصدقه أنه يحمل مشروعاً مدنياً ضد سلطة الشيخ ومؤسسة القبيلة، وكيف نصدق أن القبيلة والشيخ تحمي شخصاً يريد أن يتبرأ منها وينقلب عليها؟ إن في المسألة لبساً وغموضاً وتناقضاً، ومع ذلك نحن نحيي المواطن حميد الأحمر على استشعاره لمعاناة اليمنيين وعلى تصريحاته القوية، ونعده كيمنيين أن نواصل تلطعنا وسعينا الحثيث نحو يمن جديد ومجتمع مدني حديث ينعم بالحرية والمواطنة ويستمد قوته وشجاعته من عدالة الدولة وسيادة القانون، لكننا لا نعده إطلاقاً باستبدال إمام بإمام ولا شيخ برئيس.
حين قامت الثورة على الإمام والاستعمار، كان يفترض بها أن تكون ثورة كما أرادتها أحلام وتطلعات اليمنيين، أحلام الجيل التنويري الذي أفاق على مسخ جديد لسلطة التخلف يتحدث باسم الثورة وينتسب إليها مستنداً إلى ما بقي من شعاراتها وروح أحلامها الوردية، مسخ جديد يعدّ نفسه الابن الشرعي للثورة، في حين أن الثورة السبتمبرية الأكتوبرية بريئة منه ولا تمت له بطرف، ولم تكن اليمن وحدها هي التي شربت من مستنقع هذا الوهم الثوري، بل كانت كذلك كل الثورات العربية التي لم نعد اليوم ندري لماذا ثارت، بل ويبلغ الحال ببعضها أن يقول ليتها لم تثر، ليتها لم تثر!!. *ولا أعتقد اليوم أننا سنراهن على أي تغيير ثوري أو غير ثوري تقوده تلك القوى نفسها التي أجهضت حلم الثورة اليمنية، وحولتها من ثورة بحجم آمال اليمنيين إلى مشروع صغير يخدم مصالحها ويتيح لها الحصول على المغانم ذاتها التي كانت تحصل عليها سلطة ما قبل الثورة ولكن ليس باسم الحق السلالي الديني، بل باسم الحق القبلي الثوري!. *لذلك لن نستبشر –أنا على الأقل- بالمشروع النظري الثوري أو الانقلابي الذي يقوده اليوم أو يدعو إليه حميد الأحمر، وليعذرني هو أو غيره في عدم إثبات صفة الشيخ قبل اسمه لأني كافر حد اليقين بسلطة القبيلة ونفوذ الشيخ، لأنها السلطة ذاتها التي اختطفت حلم الثورة اليمنية وأسست بنيانها على أنقاضه ودمه ودمعه، لأنها السلطة ذاتها التي هادنتها الدولة لتعقد معها حلفاً يضمن لها أن تكون هي والدولة صنوين، أو بلغة المتصوفة، هي الدولة والدولة هي. *فحميد الأحمر عضو مجلس نواب لأنه شيخ وابن شيخ ومن قبيلة حاشد، وهو رجل أعمال ونافذ وصاحب فرص كثيرة استثمارية وتجارية لأنه الشيخ بن الشيخ شقيق المشائخ، وكذلك الحال مع بقية شيوخ اليمن الأجلاء، هذه المنظومة السلطوية المشيخية القبلية هي التي فتقت ذهن الحاكم ليهتدي بسنتها في ابتكار سلطته الموازية، ومن خلال تحويل الحزب والدولة إلى قبيلة هو شيخها الأبدي وهو ما يخوله أن يورّث هذه القبيلة وقبل ذلك أن يوزع خيرها على أقاربه وأحبائه وحلفائه، لا فرق إذن بين الرئيس وبين الشيخ، هما وجهان لعملة واحدة لسلطة واحدة، لعقلية واحدة، لامتداد واحد خطف الثورة وخطف المشروع الحداثي اليمني ولا يمكن أن يقوم في أي ثورة مستقبلية بغير ذلك، لأن فاقد الشيء لا يعطيه. *وأرجو أن يفهم أخي اليمني المواطن حميد الأحمر كلامي بعيداً عن شخصه لذاته، فأنا أتحدث عن بنية ثقافية أفرزت تركيبة اجتماعية تتحكم فيها قوى متخلفة أنانية وجامدة ولا يعني لها الإنسان ولا الحرية ولا العدالة أي شيء قبل ذاتها ومصالحها وبقائها، وأنا من صميم قلبي أشكره على موقفه وشجاعته وصراحته واعترافه بغياب الدولة وعجزها وتسلطها وفسادها ودعوته إلى التغيير، لكن ألم يكن يدرك الرجل أنه يدين دولته هو ونظامه وسلطته وقبيلته في الوقت نفسه الذي يدين فيه الرئيس والنظام والسلطة!. *إن القوى التي قامت بالثورة اليمنية في معظمها كانت جزءاً من نظام الإمامة الذي ثارت عليه، كانت موالية له لأنها صنيعته وظيفياً أو تعليمياً، أو لأنها حليفته، أو قريبته سلالياً، والقبيلة نفسها بما في ذلك قبيلة حاشد هي ذاتها التي أجهزت على ثورة أو انقلاب 1948 لأنها مع الإمام، وهي ذاتها التي خذلت ثورة سبتمبر ثم آزرتها بعد ذلك لتكون هي وريثة الإمام، هي التي أقامت الجمهورية وأقعدتها وهي التي قتلت الحمدي حين جفاها وتمرد على إمامتها، وهي التي أقرت علي عبدالله صالح وحالفته في حربه وسلمه لأنه مالأها واعترف بمشروعية شراكتها، ورويداً رويداً استدرجته لتصبح هي السلطة وهي الدولة وهي النظام، واستدرجها هو ليصبح شيخ مشائخ اليمن، جناحاه حاشد وبكيل وريشه بقية مشائخ المؤتمر الشعبي العام، وهو ما يعني أن مؤسسة القبيلة سرقت أيضاً حلم اليمنيين في علي عبدالله صالح، وهي كذلك التي تريد اليوم أن تقوض بنيان ملكه، إما لأنها استضعفته، وإما أنها شعرت أنه يحاول أن يكون قوياً بغيرها، لهذا جن جنونها، وعقدت العزم لإسقاطه كما عبر عن ذلك صراحة صراحاً حميد الأحمر في لقائه مع الجزيرة. *قد يكون اليمنيون بحاجة إلى ثورة حقيقية، لكن هل يثق اليمنيون في أن يكون حميد الأحمر هو قائدها؟ حميد وإخوته وأبوهم –رحمه الله- من قبلهم، شركاء السلطة وحلفاؤها، بل الوجه الحقيقي لنظام علي عبدالله صالح، هل سنثق بثورة النظام على النظام، هل لدى حميد الأحمر فعلاً مشروع مدني لدولة يمنية مدنية؟ ربما نحن نظلم الرجل وهو بحق يشعر بمعاناة اليمنيين وفساد النظام والدولة وضرورة التغيير، قد يكون صادقاً ومخلصاً وإن كان جزءاً من هذا النظام الذي لا ذنب له فيه سوى أنه وجد نفسه بالوراثة جزءاً منه وواحداً من أركانه، هل يغامر اليمنيون ويحملون الأمر على حسن النية ويتبعون حميداً في ثورته أو دعوته، هل هناك ضمانات للشعب لئلا يكون القادم هو نفس القائم أو أسوأ منه، هل حقاً يؤمن حميد الأحمر وهو الشيخ بن الشيخ وأخو المشائخ بمشروع مدني لدولة يمنية يقوم على أنقاض القبيلة ويستلهم روح المجتمع المدني الحديث ولو كرهت حاشد أو رفضت بكيل؟ لقد قال إن أخاه صادق الأحمر وشيخه في الوقت ذاته وقبيلته حاشد هي التي تحميه من السلطة والمساءلة وتمنحه الاطمئنان ليقول ما يقوله عن علي عبدالله صالح، شيخه وقبيلته من تمنحه الجرأة والحرية والشجاعة وليست ديمقراطية النظام اليمني، قد أصدقه أنا أو غيري في ذلك، لكن من سيصدقه أنه يحمل مشروعاً مدنياً ضد سلطة الشيخ ومؤسسة القبيلة، وكيف نصدق أن القبيلة والشيخ تحمي شخصاً يريد أن يتبرأ منها وينقلب عليها؟ إن في المسألة لبساً وغموضاً وتناقضاً، ومع ذلك نحن نحيي المواطن حميد الأحمر على استشعاره لمعاناة اليمنيين وعلى تصريحاته القوية، ونعده كيمنيين أن نواصل تلطعنا وسعينا الحثيث نحو يمن جديد ومجتمع مدني حديث ينعم بالحرية والمواطنة ويستمد قوته وشجاعته من عدالة الدولة وسيادة القانون، لكننا لا نعده إطلاقاً باستبدال إمام بإمام ولا شيخ برئيس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق