عبدالملك شمسانab_shamsan@hotmail.com
2/9/2009
حرب سادسة على أشدها في صعدة، بمشاركة -لأول مرة- من قبل وحدات في الحرس الجمهوري وأخرى من الأمن المركزي وثالثة من القوات الجوية، ويقودها رئيس الجمهورية شخصيا، فيما يبدو أنه سأمٌ من الأطراف الدولية من الاستثمار للحرب الذي كثر الحديث فيه خلال الحروب السابقة (أو تقريبا من الحرب الثالثة)، وأنها الفرصة الأخيرة التي يمنحها الخارج للسلطة لحسم القضية.وعلى أنها امتداد لخمس جولات سابقة إلا أن هناك عناصر تكسبها خصوصية وتفردا، وفي مقدمة هذه العناصر تصدر الرئيس للموقف وقيادته للحرب. وكذا ظهور البعد الدولي فيها إعلاميا وسياسيا بشكل لم يعهد في الخمس الجولات السابقة..لقد ظلت قيادات الحرب في الجولات السابقة تشكو من التوجيهات العليا بالتوقف أو الانسحاب كلما اقترب الجيش من الحسم، إلا أن هذه الجولة السادسة تبدو مختلفة لأن أي نتيجة سوى النصر الواضح لن تكون مقبولة، كما أن تحقيق النصر -إذا لم يتحقق الآن- سيغدو مستحيلا في المستقبل، لأن عدم الوصول لهذه النتيجة في معركة يقودها الرئيس شخصيا وبكل تلك الوحدات والقوة يعني -بالضرورة- عدم إمكانية الحصول عليها لاحقا، كما يستحيل على الرئيس أن يقبل بالعودة بنتيجة سوى الحسم أو على الأقل إحراز تقدم ملموس للجيش.إضافة إلى ذلك، فإن قيادة الرئيس شخصيا للحرب تشي بمدى الضغط الخارجي نحو الحسم وإنهاء ما يتردد من حديث عن استثمار قضية صعدة من قبل أطراف في السلطة، ومن الطبيعي أن لا تزيد حملة عسكرية يقودها الرئيس على أن تكون ضربة خاطفة تعيد الاعتبار للدولة وللرئيس شخصيا ويصل صداها إلى الحراك الجنوبي وتنظيم القاعدة، وليس معروفا بالتحديد السقف الزمني لكلمة «خاطفة» بتعبير العسكريين إلا أنها قياسا على حروب وصفت بهذا الوصف لن تتجاوز الشهرين.في حديث خاص مع قائد عسكري قال إن الضربات الجوية لم تحقق أي نتيجة، بل لم يكن يتوقع منها -سلفا- أي نتيجة، لأن الخصم ليس جيشا نظاميا متمركزا في مواقع محددة، وإنما هو منتشر في القرى والبيوت والمزارع والجبال، وهي أماكن لا يمكن قصفها بالطيران. ويضرب لذلك مثلا بمعسكرات وقعت في الجولات السابقة تحت الحصار ولم يستطع الطيران المحدود جدا آنذاك فك الحصار عنها، وإحدى صور هذا الحصار أن الحوثيين قطعوا الطريق المؤدية لأحد المعسكرات ولم يسمحوا بمرور ناقلات المياه إليها، وكان مطلوبا حينها أن يقوم الطيران بقصف جوانب الطريق على امتدادها والسماح بعبور ناقلات الماء، إلا أن الحوثيين يتراجعون وقت القصف وتنهال نيرانهم من أماكن مختلفة وقت عبور ناقلات المياه.هنا يمكن القول أن القوة العسكرية لا تحتاج لهذه المساندة المكثفة للطيران، ولا يعدو إشراك القوات الجوية ومعها الوحدات المشاركة لأول مرة أن يكون رسالة لدول الإقليم والعالم الهدف منها إزالة ما يساورهم من شكوك حول استثمار أطراف في السلطة للحرب ضد الحوثي وبالتالي الحصول على استمرارية دعمهم في جولات قادمة.ربما أن المقاومة الكبيرة التي يبديها الحوثيون في هذه الجولة خطأ كبير يقترفونه، إذ يزيدون -بذلك- من نسبة مخاوف دول الإقليم والعالم والسلطة في اليمن، ما ينعكس على نوع السلاح المستخدم ضدهم وحجم القوة والفترة المقررة للحرب وحجم الدعم الدولي للسلطة، ومهما قيل عن صلابة الصف الحوثي وقدرته الدفاعية فإنه بلا شك لن يصمد أمام إمكانيات دولة مسنودة بدعم خارجي غير مسبوق، وكان الأولى بالحوثي التراجع والسماح للحملة بالعودة بما ترضي به الخارج، وبما يحفظ لها ماء الوجه المراق أو يعيد لها الاعتبار أمام الداخل والخارج ولو كان مجرد اعتبار صوري يعرف الطرفان حقيقته.وهذه هي النتيجة التي تريد السلطة أن تصل إليها وليس الحسم، ليس لأنها لا تريده، بل لأنه غير ممكن، ولهذا لا يمكن أحدا أن يقدم تعريفا واضحا لكلمة الحسم: هل معناه الوصول إلى القيادة العسكرية العليا للحوثي؟ قد سبق الوصول مبكرا إلى حسين الحوثي وقتله. أم الحسم هو استعادة مواقع الجيش التي سيطر عليها الحوثي؟ هذا -على صعوبته- مجرد استعادة للمواقع وليس حسما. أم هو السيطرة على المواقع التي يتمركز فيها الحوثيون؟ هذا -على بعده أيضا- ليس حسما فقد بدأت الحرب وليس للحوثي أدنى سيطرة عليها.وإذن، ما هو الحسم لدى السلطة؟ إذا لم تقدم تعريفا معينا ممكن التحقيق على الواقع، فالمعنى أنه هدف وهمي، والسعي إلى الوهم ليس إلا وهما!!
حاشد تعلن وقوفها مع السلطة..هل تقف السلطة غدا مع حاشد؟
في رسالة وجهها لرئيس الجمهورية أكد الشيخ صادق الأحمر -شيخ مشايخ حاشد- وقوف قبيلته مع الحكومة ضد الحوثيين، وظهر في الصور بجوار الرئيس أثناء تفقده معسكر سفيان، وكذا الشيخ حسين الأحمر، (يمكن هنا تجاوز تصريحات وموقف الشيخ كهلان أبو شوارب باعتبار أن ذلك صادر منه بصفته محافظا لعمران)، وهي المرة الأولى التي تظهر فيها حاشد بهذا الموقف العلني الواضح منذ بداية الحرب. ما يعني أنها ستتحمل تبعات هذا الموقف بعد أن تضع الحرب الدائرة أوزارها. وهو ما كانت تخشاه وتتحاشاه في الجولات السابقة.والمتابع للصحف يدرك أن هناك دفعاً كبيراً لإثبات أن الحرب بين «زيدية قبلية» وبين «زيدية مذهبية»، أي حاشدية حوثية، وأنها قديمة منذ تحالف الشيخ عبدالله مع الزبيري والإخوان ضد الملكيين.إن انجرار حاشد للاصطدام مع الحوثي، سيجر -بالضرورة- القبائل المتحالفة معها وفق الاتفاقيات القبلية المعروفة، وفي المقدمة قبائل الجوف ومأرب التي ليست -أساساً- في منأى عن المواجهة بغض النظر عن اتفاقيات الدفاع المشترك التي تربطها مع غيرها من القبائل، ودخول هذه القبائل مع حاشد يعني بالضرورة دخول الإصلاح الذي استطاع -بحسب تأكيد أمينه العام في حوار صحفي سابق- أن يفوت هدف السلطة الرامي إلى ضرب الإصلاح بالحوثي.ذلك النجاح للإصلاح في تفويت هذا الهدف، قد لا يكون ممكناً في المستقبل في حال حدوث اشتباك بين الحوثي وبين تلك القبائل التي ينتمي إليه أغلب أبنائها، ويشغل كثير من مشائخها مواقع قيادية رفيعة أو متوسطة في هيكله التنظيمي، وقد رأينا كيف اشتبك بعض المنتمين إليه في الجوف مع الحوثي قبل اندلاع الحرب السادسة ولم يستطع أن يحول بينهم وبين ذلك، ولن يستطيع أن يفعل ذلك -من باب أولى- في حال تجددت الاشتباكات بين الطرفين مستقبلاً وقد توسعت دائرة أتباعه وأنصاره المشتركين في المواجهة.وهكذا، فإن مع حاشد قبائل المشرق وغيرها، ومعها جميعاً الإصلاح، ومع الإصلاح المشترك الذي لن تتفق مكوناته على موقف واحد من القضية، وليس هناك إلا حالة واحدة يمكن من خلالها تجنب هذا الاحتمال، وهو أن تكون حاشد وقبائل المشرق قد حصلت على ضمانات من المملكة بعدم التخلي عنها وهي المرتبطة معها بعلاقات وثيقة كما سبق.
إذا طال أمد الحرب، قصر عمر الدولة!المحاولة الحثيثة لجر المشترك للاصطدام مع الحوثي نيابة عن الدولة، وإدخال حاشد وقبائل المشرق كطرف في الحرب الحالية في صف الدولة، واختيار قوات الأمن المركزي كقوة رئيسية قادمة في الحرب بما يثير المخاوف من تعرضها لنفس الاستهداف الذي تعرضت له «المنطقة الشمالية» كما رأت تحليلات كثيرة.. كلها مؤشرات تؤكد أن الاستثمار السياسي للحرب ما زال قائماً، وسواء صحت هذه المؤشرات ومن ثم النتيجة المستنبطة أو لم تصح، فإن أمد الحرب ما زال طويلاً بسبب أخطاء الجولات السابقة، وهنا يبرز السؤال: لصالح من طول أمد الحرب؟طول القتال بين الدولة وأي طرف داخلي -بغض النظر عن عدالة قضيته من عدمها- يكون دائماً في صالح هذا الطرف وليس في مصلحة الدولة، وما يحدث اليوم نتيجة طبيعية لهذا الطول في القتال وعدم الحسم، وهذا الحكم مستفاد من مقدمة ابن خلدون أول من كتب في أعمار الدول والأنظمة السياسية، وهو أفضل من يمكن الاقتباس عنه باعتبار أنه جاء قبل زمن النظارات السوداء، وكلامه علمي بحت لا مجال للقول بأنه يتبطن كيدا سياسيا، يقول في الصفحة (320): «الدولة المستجدة إنما تستولي على الدولة المستقرة بالمطاولة لا بالمناجزة»، أي تقضي على الدولة بطول الحرب لا بحرب واحدة تجهز بها على نظامها. فطول الحرب ينعكس على الدولة في صورة استنزاف لجيشها وخزينتها ولثقة مواطنيها بها ولهيبتها، وما تفقده من كل هذا لا يذهب في الفراغ، بل ينصب مكاسب في خانة الطرف الآخر.وللتأكيد على أن طول الحرب يصب في خانة هذا الطرف يمكن اقتباس هذه العبارات من ذات الكتاب الشهير لابن خلدون:> «.. ويكون الوهن في هذا الطور قد لحق الشوكة وضعفت عن الاستطالة والقهر، فتنصرف سياسة صاحب الدولة حينئذ إلى مداراة الأمور ببذل المال، ويراه أرفع من السيف لقلة غنائه، فتعظم حاجته إلى الأموال، زيادة على النفقات وأرزاق الجند ولا يغنى فيما يريد»، أي لا يغني ما يبذله في تحقيق ما يريده -بحسب شرح المحقق.> «.. ويعظم الهرم بالدولة ويتجاسر عليها أهل النواحي، والدولة تنحل في عراها في كل طور من هذه إلى أن تفضي إلى الهلاك، وتتعرض لاستيلاء الطلاب، فإن قصدها طالب انتزعها من أيدي القائمين لها، وإلا بقيت تتلاشى إلى أن تضمحل كالذبال في السراج إذا فني زيته وطفئ» صـ316.> «.. فيتجاسر الرعايا على نقض الدعوة في الأطراف، ويبادر الخوارج على الدولة من الأعياص وغيرهم إلى تلك الأطراف، لما يرجون حينئذ من حصول غرضهم بمبايعة القاصية لهم، وأمنهم من وصول الحماية إليهم (الجيش)، ولا يزال ذلك يتدرج ونطاق الدولة يتضايق حتى تصير الخوارج في أقرب الأماكن إلى مركز الدولة. وربما انقسمت الدولة عند ذلك بدولتين أو ثلاثة على قدر قوتها في الأصل..» صـ314.
خير وسيلة للدفاع..> أشخاص يتبؤون مواقع متقدمة في دوائر المؤتمر الشعبي العام، شعروا -ربما- أن حجم الحملة العسكرية الحالية من قبل السلطة قد يطولهم بناء على خلفياتهم السياسية والفكرية وصلاتهم بالحوثي من وراء حجاب، فأرادوا صرف الأنظار عن أنفسهم باتهام المشترك بالتعاطف مع الحوثي، وسعيا منهم لتأزيم العلاقة بين المشترك والسلطة في هذه المرحلة التي يفترض أن تشهد حواراً بين الطرفين، وذلك في إطار نفخهم المستمر لجحيم الأزمة الشاملة التي يتوقعون منها أن تفضي إلى انهيار النظام وانهيار الدولة!!
حرب مستعرة، وحضور خارجي غير مسبوقلأول مرة منذ اندلاع الحرب في 2004م تحضر الأطراف الدولية إعلاميا وسياسيا بهذه الصورة الواضحة.. السفارة الأمريكية بصنعاء تدعو الطرفين لوقف إطلاق النار، وتعرب عن متابعتها للأحداث بقلق، وتحث الطرفين على تجنيب المدنيين للخطر، وضمان أمن العاملين في الإغاثة، ومنظمة العفو الدولية تطالب الحكومة بالتقيد بالمعايير الدولية محملة إياها كل المسؤولية المتعلقة بحماية المدنيين، والأمانة العامة لجامعة الدول العربية تعرض خدماتها على وزير الخارجية لكنه يرجوها أن تترك اليمن يقوم بما تمليه عليه واجباته (كأنها رغبة سعودية بعدم دخول مصر على الخط)، والإرياني في قطر بشأن اتفاقية الدوحة التي تؤكد الحكومة اليمنية أنها انتهت حرصا على كسب السعودية، وتحاول في ذات الوقت أن تثبت لقطر أن الحوثيين هم من أنهى الاتفاقية!! والدكتور القربي يجتمع بسفراء أوروبا والدول الدائمة العضوية، ونائب سلفي في البحرين يتهم كتلة الشيعة في البرلمان البحريني بدعم الحوثيين، والجامعة العربية تتلقى من الحوثيين طلبا لزيارتها، ومقتدى الصدر من العراق يدعو الطرفين للحل العقلاني، وعودة الحرب الإعلامية اليمنية الإيرانية، وإلى آخر هذه الأخبار اليومية واهتمام واسع بالحرب على غير المعتاد من قبل قنوات التلفزة والصحف العالمية، وونيكول ستراكي -الباحثة في برنامج الأمن ودراسات الإرهاب بمركز الخليج لأبحاث تكتب في «الحياة اللندنية» أن نتائج الجولة السادسة من حرب صعدة قد تحدد مستقبل النظام ومصير قيادات سياسية وعسكرية..وتعمدت اقتباس هذه العبارة فقط من كل ما كتب للقول بناء عليها: ولا يمكن للخارج وتحديدا السعودية والولايات المتحدة أن يغضوا الطرف عن حرب يتحدد بناء عليها مستقبل اليمن، وهذا يبرر الحضور الدولي الإعلامي والسياسي بهذا الوضوح والكثافة على خلاف جولات الحرب السابقة.
سياسة الأمريكان: السيطرة على اليمن عبر السعودية... وسياسة السعودية: السيطرة على شمال اليمن عبر حاشد، وعلى الجنوب عبر حضرموت..
والواضح أن هناك دعما خارجيا للسلطة «كفرصة أخيرة» يتوقعون من ورائه تحقيق نصر كبير ينهي القضية أو يعيدها على الأقل إلى أصغر مدى ممكن، وللخارج -بالمقابل- سياسة أخرى في حال جاءت نتيجة الحرب على العكس.. والحديث عن الموقف المعقد للخارج الذي تتزعمه الولايات المتحدة يقتضي مقدمة عن استراتيجية هذه الدولة في اليمن، بما يمكن إيجازه بالآتي:أن الولايات المتحدة لا تتدخل مباشرة في اليمن إلا في الجانب المتعلق بالأمن «الإرهاب»، وتعتمد فيما سوى هذا على التأثير غير المباشر من خلف المملكة العربية السعودية، بل حتى تدخلها المباشر في مجال الأمن لم يبدأ إلا من بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م.في هذا السياق يمكن الإشارة إلى جملة من توصيات الأمريكان في الفترة الأخيرة التي تحث المملكة على دعم اليمن، ومنها رعاية الأمريكان لمؤتمر المانحين في لندن، وهي استراتيجية أمريكية قديمة تؤكدها هذه الوثيقة من الوثائق السرية للخارجية الأمريكية التي نشرتها «المصدر» في العدد (86)، والمؤرخة بـ(2 مارس 1973م)، وجاء فيما جاء فيها أن مساعد وزير الخارجية الأمريكية طلب من وزير البيئة اليمني أن يبلغ الرئيس الإرياني كذا وكذا إلى أن يقول: «وبعد نقاش مستفيض لهذا الموضوع قررنا تبني سياسة دعم أمني غير مباشر لليمن، وذلك للأسباب التالية»، ثم يذكر الأسباب ومنها «أن سياستنا تجاه دول شبه الجزيرة العربية تقوم على أساس أن التعاون الإقليمي يعتبر أفضل وسيلة لتعزيز الاستقرار في المنطقة». ويضيف: «ونحن نأمل أن تقوم الدول العربية الصديقة مثل المملكة العربية السعودية والأردن بمد يد العون لليمن».واستراتيجية المملكة -بدورها- تقوم على السيطرة على شمال اليمن عبر حاشد، وعلى الجنوب عبر حضرموت، وهذا التقسيم هو النظام المعمول به، وتتضح القضية بهذه المعلومات التي كفاني تقرير سابق الزميل علي الفقيه عناء البحث عنها في الأرشيف، والتي ترصد تعيينات رؤساء الحكومات خلال الفترة الماضية:تولى العطاس رئاسة الحكومة من 14/5/90م وحتى 5/10/94م، ثم عبدالعزيز عبدالغني من 6/10/94م وحتى 14/5/97م، ثم فرج سعيد بن غانم -رحمه الله- من 15/9/97م حتى 15/5/98م، ثم الإرياني من 16/5/98م حتى 3/4/2001م، ثم عبدالقادر باجمال -شفاه الله- من 4/4/2001م حتى 5/4/2007م، ثم الدكتور علي محمد مجور من 6/4/2007م وما زال.أي أن نصيب حضرموت نحو 11 عاما مقابل ثمان سنوات لبقية المحافظات، بل حتى الفترة التي تولاها عبدالعزيز عبدالغني كان المرشح لها فرج بن غانم الذي اقترحه قادة الإصلاح ضمن رؤيتهم لإدارة البلاد بعد 94م إلا أن ابن غانم اشترط عليهم شروطا لم يروا طرحها على الرئيس ممكنا، فكان عبدالعزيز عبدالغني هو البديل باعتبار أنه المقبول من الجميع أو غير المرفوض على الأقل، وكذا الإرياني إنما تعين بديلا لفرج بن غانم بعد استقالته، ولو استمر ابن غانم لما تولاها، ووقع عليه الاختيار نظرا للمحادثات اليمنية السعودية بشأن الحدود حينها، ولخبرته السياسية التي يعول عليها في تصفية بقايا الإصلاح في السلطة، وهكذا لم يكن الاثنان سوى بدلاء عن الحضارم ولفترة محدودة، وحتى الدكتور مجور إنما كان بديلا -بحسب ما تردد- للدكتور صالح باصرة الذي صرف النظر عن تعيينه لبعض الأسباب، وحتى لو لم يعتبر بديلا لصالح باصرة، فهو ينتمي إلى شبوة التي هي رديف لحضرموت -كما سيأتي.
وإذن فإن رحى السياسة اليمنية تقوم على قطبين:القطب الأول: حاشد، وسندها قبائل المشرق في مأرب والجوف المرتبطة مع المملكة بعلاقات وثيقة، صحيح أن هذه القبائل ليست ظاهرة في الحكم كرديف لحاشد، لكنها راضية بحاشد ولو عارضت لقلبت المعادلة (بدأت هذه القبائل تتململ مؤخرا لكن ذلك ليس ضد حاشد وإنما ضد النظام، ويجدر بالمشترك أن يتفاعل مع التكتلات القبلية المعارضة التي تشكلت هناك ويقدر هذه القبائل حق قدرها)..والقطب الثاني: حضرموت، وسندها قبائل شبوة والمهرة المرتبطة أيضا مع المملكة بعلاقات وثيقة، وإن كانت قليلة التمثيل في السلطة وغير واضحة الأثر، وما قيل سابقا في رديف حاشد، يقال هنا في رديف حضرموت.وأخلص من هذه الأسطر إلى مجموعة نقاط متصلة بالحرب في صعدة، موجزة بالتالي:> ما قام به الحوثي قبل الحرب السادسة مستغلا انشغال السلطة بالمشاكل الأخرى من توسع نحو حاشد وقبائل المشرق في الجوف، أثار حفيظة السعودية، واتجاهه للإطلال على البحر الأحمر الذي تمر من تحته أنابيب النفط ومن فوقه البواخر التجارية والبوارج الحربية التابعة للدول الكبرى أثار حفيظة الولايات المتحدة، وهو -سبب رئيس- من الأسباب التي جلبت عليه هذه الحرب الشرسة.> هناك ضغط سعودي على النظام في اليمن لأنه لم يحسن التعامل مع قضية صعدة، وبدأ التلويح السعودي بإمكانية التفاهم مع الحوثي في حال استمرار النظام بذات الطريقة في التعامل مع القضية. وهناك ضغط أمريكي على السعودية لأنها لم تحسن التعامل مع اليمن، وربما تسحب الولايات المتحدة «الوكالة» من السعودية محولة استراتيجيتها إلى التدخل المباشر في اليمن في مختلف المجالات متجاوزة المملكة. وهناك أصوات أمريكية بدأت تتذمر من هذه السياسة في السيطرة غير المباشرة.وحين تجد الأطراف الدولية أن قوة الحوثي لا يمكن تجاوزها، وسيطرته على المناطق الواقعة تحت يده الآن والقابلة للتوسع لا يمكن الحد منها، فإنها لن تمانع في التعامل معه كأمر واقع، مفسحة المجال أمامه للانفصال ببعض مناطق الشمال ضمن الخيار الأمريكي الغربي الرامي لتقسيم اليمن إلى عدة أجزاء، وهو المخطط الذي كثر الحديث عنه وتنوعت مصادر الكشف عنه، وقبل سنوات كان أحمد منصور قد طرحه على رئيس الجمهورية في حوار للجزيرة، ومؤخراً (26 أغسطس) نشرت القدس العربي تقريرا جاء فيه أن الوثائق الرسمية كشفت عمل الأمريكان على إقامة ثلاث دول على الأقل في كل قطر مرشح للتجزئة، بالاعتماد على المناخات المواتية داخل هذه البلدان.والمخاوف -في ذلك الحين- من قوة شيعية- في الحدود الجنوبية للسعودية قد تتلاشى يومها إذ لن يكون أمامها خيار آخر غير التلاشي بفعل تطمينات وأطروحات من قبيل:> السعودية كانت تدعم الملكيين «الإماميين» في الستينات مع عدم وجود حسابات «الشيعة والسنة»، فلماذا لا تعاود اليوم التعامل معهم، على اعتبار أن المملكة الناشئة (الحوثية) التي ستأتي على أنقاض النظام الجمهوري، أو على جزء من الوطن، تحتاج سنوات طويلة للوصول إلى هذا الموقع، ثم ستظل لوقت أطول منهمكة بالداخل، بعيدة عن إيران وعن حسابات «الشيعة والسنة»؟ وحتى لو ظلت هذه الحسابات قائمة فإن المصالح السياسية ستكون هي المذهب الجامع للدولتين والمرجعية العليا للطرفين، وما يهم السعودية هو مصالحها ومصالح الدول الكبرى المرتبطة بها وليس الشيعة ولا السنة.> إيران التي هي قطب هذا الصراع في الوقت الحالي، لا تستطيع أن تستخدم هذه الأذرع بما يضر بمصلحة المملكة مع وجود الولايات المتحدة الأمريكية وإلا لكان قد ظهر استخدامها لشيعة المملكة الذين يشكلون كتلة كبيرة في الشرق وكتلة أخرى في الجنوب. وفي حال انتثرت الولايات المتحدة وبقيت المملكة وإيران، فإن الأخيرة قادرة في ذلك الوقت على فعل الكثير ضد الأولى ومن غير أن تحتاج إلى الحوثية!!بل لماذا الافتراض أصلا أن الحوثية -في حال آلت إليها البلاد، كليا أو جزئيا- ستكون حليفاً لإيران وليس للسعودية؟ تلك فرضيات تكتنفها مبالغات كبيرة، فالانتماء المذهبي ليس أكثر من غطاء لعلاقة بين الطرفين اقتضتها الحاجة الوقتية الآن، وعندما تمتلك الحوثية زمام الأمور فليس بالضرورة أن يستمر هذا الانتماء قاسماً مشتركاً يفرض عليها التحالف مع إيران، وستطغى لغة المصالح في ذلك الوقت على هذه اللغة المذهبية، أي تماماً كما أن الانتماء للسنة ليس واحدا من روابط العلاقات الثنائية بين الدول العربية السنية!!> السعودية دعمت محاولة انفصال الجنوب في 94م لأن الانفصال كان في صالحها كما رأت، لكنها اليوم مع الوحدة لأن الانفصال لم يعد ممكنا من ناحية عملية وليس إلا رديفاً للصوملة، وبالتالي: ألا يمكن القول إنها بدعم انفصال جزء من الشمال ستكون قد حققت ذلك الهدف الذي عجزت عنه في 94م!؟الذين يستبعدون هذا التوجه، ينطلقون من استحالة دعم السعودية لأي كيان شيعي على حدودها وخاصة الجنوبية، وهو تفسير وجيه لكن أصحابه يغفلون عن أن هذا الكيان سيدخل في صراع مفتوح مع الدولة الأم التي انفصل عنها، وسينشغل بها عن المملكة، بل سيكون في أمس الحاجة لعلاقة جيدة معها للاستقواء بها.
من أخطاء الحوثيأخطاء الحوثي تشبه أخطاء السلطة تبعاً لتشابه سببها، فمن خطأ التوسع الحوثي في الفترة الماضية، إلى اختيار يحي الحوثي ناطقا إعلاميا، إذ انبرى على قنوات التلفزة العالمية ينقض المظلومية التي تستند إليها الحوثية، ويؤكد أن حربهم طائفية مذهبية عنصرية، لتتعاضد هذه الأخطاء تستعدي عليهم الداخل والخارج، وتفقدهم تعاطفا كان كثيرون قد منحوهم إياه قناعة بمظلوميتهم أو نكاية بالسلطة، وكان بالإمكان اختيار شخص آخر للمهمة، لكنه التوريث المقيت الذي لولاه لكان غيره هو الناطق الرسمي، ولكان الرزامي هو القائد خلفاً لحسين بدر الدين لا أن يُستخدم كما استخدم القائد العسكري «أبو مسلم الخراساني» الذي تولى قيادة جيش العباسيين وإدارة الحرب فلما أطاح ببني أمية ومكنهم من الحكم فعلوا به ما فعلوا من منطلق أنهم أصفياء الله الذي اختارهم لحكم البشرية وسخر لهم غيرهم ليحملوهم إلى حيث لم يكونوا بالغين إلا بشق الأنفس، ولا يمثل بقية الناس -بالنسبة لهم- سوى مطايا يستخدمونها حتى إذا بلغوا المراد ذبحوها أو نحروها وأكلوا لحومها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق